تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (33)

الآية 33 فأجاب لهم الأتباع ، فقالوا : { بل مكرُ الليل والنهار } [ بل بمكركم إيانا وقولكم في الليل والنهار ]{[17041]} : إنهم كَذَبة ، سحَرة ، وخداعكم إيانا أنهم{[17042]} بشر مثلكم تركنا اتباعهم ، إذ تأمروننا أن نكفر بالله { ونجعل له أندادا ، [ ويحتمل أن قالوا ]{[17043]} : بل مكرُكم في الليل والنهار ، إذ تأمروننا أن نكفر بالله ]{[17044]} أي من تخويفكم إيانا وهيبتكم لنا من الأخذ على البغتة والغفلة تركنا اتباعهم في السّر ، إذا ظهر ، وبلغكم الخبر به .

هذه مناظرات أهل الكفر في ما بينهم يومئذ ، وردّ بعضهم على بعض ، ولعن بعضهم بعضا ، يذكرها في الدنيا ليُلزمهم الحجة ولئلا يقولوا يومئذ { إنا كنا عن هذا غافلين } [ الأعراف : 172 ] .

فإن قيل : إنهم كانوا لا يؤمنون بهذا القرآن ولا بالبعث فكيف يُلزِمهم ذلك ، وهم لا يستمعون له ؟

قيل : إنهم مُكّنوا من الاستماع والنظر فيه ، فلزِمتهم{[17045]} الحجة ، وإن لم يستمِعوا له ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب } قال بعضهم : أسرّ الرؤساء الندامة بصرف الأتباع وصرف أنفسهم عن دين الله واتّباع الرسل { لما رأو االعذاب } . وقيل : { وأسرّوا الندامة } الأتباع والرؤساء جميعا وقوله : { وأسرّوا الندامة } من{[17046]} الإسرار والإخفاء ، أخفى بعضهم من بعض . وقال بعضهم : أخفى الكفرة الندامة عن المؤمنين .

وقال القتبيّ : { وأسرّوا الندامة } أي أظهروا ، وهو [ من ]{[17047]} الأضداد ، ويقال : أسررت الشيء أخفيته ، وأظهرته . وأما غيره من أهل التأويل فإنهم قالوا : هو من الإخفاء .

وقوله تعالى : { وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } الأغلال جماعة الغُلّ ، وهو ما يُجعل في اليد ، ثم تُشدّ اليد إلى العنق : { هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } أي لا يُجزَون إلا جزاء عملهم في الدنيا .


[17041]:من م، ساقطة من الأصل.
[17042]:في الأصل وم: وأنهم.
[17043]:من نسخة الحرم المكي. في م: أو يقولون.
[17044]:من م، ساقطة من الأصل.
[17045]:في الأصل وم: فيلزمهم.
[17046]:أدرج قبلها في الأصل وم: قال.
[17047]:من م، ساقطة من الأصل.