الآية 23 وقوله تعالى : { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } يقول ، والله أعلم : لا يملك أحد الشفاعة لأحد إلا لمن أذن له للشفاعة له . فهو لم يأذن بالشفاعة لأحد من الكفرة ، فذكر هذا ، والله أعلم ، لقولهم : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] وبقولهم : { وما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] أو يذكر أن من ترجون منهم الشفاعة بالمحل الذي ذكر ، هم من المحل الذي ذكر ، هم من المحل الذي ذكرهم من الخوف والفزع ، فكيف ترجون شفاعتهم كقوله : { حتى إذا فُزّع عن قلوبهم } [ وقوله ]{[16999]} : { لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض } فكيف يملكون الشفاعة لكم ؟ أو نحوه من الكلام ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } ليس لهذا الحرف في ذا الموضع صلة ، يوصل بها ، ولا تقدم بعطف عليه ، وعلى الابتداء لا يستقيم .
فبعض أهل التأويل ، يقول : كان بين عيسى ومحمد فترة زمان طويل لا [ يجيء فيها ]{[17000]} الرسل ، فلما بعث الله محمدا ، وكلّم جبريل بالرسالة إلى محمد ، سمع الملائكة ذلك ، فظنوا أن{[17001]} الساعة قامت ، فصعقوا مما سمعوا . فلما انحدر جبريل جعل كلما يمر [ قريبا ]{[17002]} منهم جلّى عنهم ، وكشف . فقال بعضهم لبعض : { ماذا قال ربكم قالوا الحق } أي الوحي { وهو العليّ الكبير } .
وقال بعضهم : كان الوحي إذا نزل من السماء نزل كأنه سلسلة على صخرة ، قال : فيفزع الملائكة بذلك ، فيخرّون سُجّدا { حتى إذا فرغ عن قلوبهم } قال : انجلى عن قلوبهم [ الفزع ]{[17003]} { قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العليّ الكبير } .
وقوله تعالى : { حتى إذا فُزّع عن قلوبهم } قيل : جُلّي ، وكُشف الغطاء . قال الكسائي : { حتى إذا فُزّع } مشتقة من الفزع كما تقول : هيبة في قلبه ، ورقة ، وفزع ، وكله{[17004]} واحد .
ومن قرأ : فُرّغ بالراء ، أي أُفرغ{[17005]} ، وترك فارغا ، من الخوف والشغل ، وهي قراءة [ ابن مسعود ]{[17006]} .
قال بعضهم في قوله : { قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق } يقول : يخبرون بالأمر الذي جاؤوا به ، ولا يقولون إلا الحق ، لا يزيدون ، ولا ينقصون .
وقوله تعالى : { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض } أي لا يملكون إنشاء ذرّة في السماوات والأرض ، وما لهم في إنشاء ما فيهما من شرك ، وما لهم في إنشاء ذلك من عود ، فكيف تعبدونهم ، وتسمّونهم آهلة ؟
وجائز أن يكون قوله : { حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق } ذلك الفَزَع منهم ، وذلك القول منهم في القيامة ، فزعوا لقيامها . وقد قرئ : حتى إذا فَزّع بنصب{[17007]} الفاء ، أي حتى إذا فزّع الله ، أي كشف الله عن قلوبهم الفزع ، وجلّى ذلك عنهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.