تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ} (11)

الآيتان 11 و12 : وقوله تعالى : { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } { وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ } يحتمل أن يكون قال هذا لما أن أهل مكة كانوا يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دينهم ودين آبائهم ، وكانوا يطمعون عوده أليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين } { وأمرت لأن أكون أول المسلمين } ذكر ههنا أنه أمر أن يعبد الله مخلصا له الدين . وقال في آية أخرى : { قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله } الآية [ الأنعام : 56 ] وقال فيها : { قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين } أخبر أنه لو اتبع أهواءهم في ما هم فيه يضل ، وما كان من المهتدين .

ذكر في هذه الآيات النهي وترك اتباعه أهواءاهم ، ولم يذكر الأمر فيها بعبادة الله تعالى مخلصا له الدين .

ويحتمل أن يقول : إني إذا أمرتكم بعبادة الله أمرت أنا في نفسي أن أعبده مخلصا . لست أنا كمن يأمر غيره شيئا ، ولا يأتمر بنفسه ، وهو غير مأمور بذلك ، وهو ما قال : { وأمرت لأن أكون أول المسلمين } أو يقول : لست أنا كالملوك يأمرون أتباعهم بأشياء ، ويستعملونهم في أمورهم ، ولا يستعملون في تلك أنفسهم ، والله أعلم .