تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كَانَ لَهُم مِّنۡ أَوۡلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن سَبِيلٍ} (46)

الآية 46 وقوله تعالى : { وما كان لهم من أولياء ينصرون من دون الله } يُخرّج على وجهين :

أحدهما : أي ما كان للأصنام التي عبدوها دون الله تعالى ولاية النصر لهم وقدرة دفع العذاب عنهم لأنهم كانوا يعبدونها في الدنيا رجاء أن تشفع لهم في الآخرة ، وأن تُزلفهم . فأخبر الله تعالى أن ليس لها ولاية النصر على ما رجوا ، وطمعوا من عبادتها الشفاعة لهم والدفع عنهم ، والله أعلم .

والثاني : { وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله } أي ما كان للرؤساء الذين اتخذوهم في الدنيا أربابا ولاية النصر لهم ، لأنهم لا يملكون دفع ذلك عن أنفسهم ، فكيف يملكون دفع ما نزل بأتباعهم ؟ يُخبر أن ليس لهم ولاية دفع العذاب عنهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ومن يُضلل الله فما له من سبيل } يحتمل قوله : { فما له من سبيل } /493-ب/ أي من حجة ، أي من أضلّه الله فلا حجة له أن يقول : إنك أضللتني ، لأنه إنما يُضله لما يختاره ، ويؤثره [ بوجهين :

أحدهما : الأصل ]{[18791]} لا أحد يفعل ما يفعل من المعاصي وقت فعله لأن الله تعالى قضى له ذلك ، أو أراده ، أو قدّره ، وقضاه . إنما يفعله لغرض [ له ]{[18792]} وهواه ، لم يكن له الاحتجاج عليه بذلك ، وبالله العصمة .

والثاني أنه ليس له حجة عليه بذلك لأنه يعلم أنه لو خُيّر بين ما يريد أن يختاره ، ويؤثره ، وبين ضد ذلك لكان يختار ذلك على ضده ، ويختار تحصيله ، ويُؤثِره على ترك ذلك ، فكيف تكون [ له ]{[18793]} حجة بذلك ؟ والله الموفق .

ويحتمل قوله : { فما له من سبيل } أي من أضلّه الله تعالى فما له إلى الهدى من سبيل ، أي ليس له سبيل . ولكن عليه السبيل ، أي لا يملك أحد إرشاده . ويحتمل أي من أضلّه الله فما له من سبيل أي ليس له سبيل ، ولكن عليه السبيل .


[18791]:في الأصل وم: والأصل.
[18792]:من م، ساقطة من الأصل.
[18793]:من م، ساقطة من الأصل.