الآية 45 وقوله تعالى : { وتراهم يُعرَضون عليها } قال أهل التأويل : يُعرَضون على النار قبل أن يدخلوها كقوله تعالى : { إذا رأيتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيُّظا وزفيرا } [ الفرقان : 12 ] وكقوله تعالى : { وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكّر الإنسان } الآية [ الفجر : 23 ] .
وقوله تعالى : { خاشعين من الذُّل } لأن الله تعالى أذلّهم في الآخرة بما اختاروا في الدنيا من سوء صنيعهم ، وأعطوا أنفسهم شهواتهم ومُناهم .
وقوله تعالى : { ينظرون من طرف خفيّ } يحتمل ما ذكر من نظرهم من طرف خفيّ ما ذكر في آية أخرى : { مُهطعين مُقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء } [ إبراهيم : 43 ] لشدة{[18788]} هولهم وفزعهم في ذلك اليوم لا يرفعون رؤوسهم ، ولا ينظرون إلى موضع .
ويحتمل أن يكون قوله : { ينظرون من طرف خفيّ } أي لا ينظرون إلى الناس ، ولا يُقبلون بوجوههم إليهم إلا نظر التلصُّص والتغفّل حياء منهم لسوء فِعالهم . وهكذا المعروف في الناس ، لأن من صنع إلى آخر سوءا لا يتهيأ له رفع الطرف إليه متّصلا إلا على التلصّص منه والتغفّل . فعلى ذلك أولئك ، والله أعلم .
وقال بعض أهل التأويل : إنهم يُحشرون عُميا ، فلا يرون بأعينهم ، إنما يرون بقلوبلهم ، وهو الطرف الخفيّ .
وقال القُتبيّ : { ينظرون من طرف خفيّ } أي قد غضّوا أبصارهم من الذُّل .
وقال أبو عوسجة : أي ينظرون نظرا مستقيما ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة } الآية يُخرّج ما ذكر من خسران أنفسهم وأهليهم على وجوه :
أحدها : ما ذكر بقوله تعالى : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } [ التحريم : 6 ] أمر بأن يقوا أنفسهم وأهليهم النار ؛ فهم حين{[18789]} لم يقوا ما ذكر من الأنفس والأهل خسروا ، والله أعلم .
والثاني قوله : { خسِروا أنفسهم وأهليهم } أي خسروا بسبب أنفسهم وبسبب أهليهم كقوله تعالى : { واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة } [ الأنفال : 28 ] لما يتعاملون أمورا بسبب الأموال والأولاد والأزواج ؛ هي فتنة لهم وكقوله : { إن من أزواجكم وأولادكم عدوّا لكم } [ التغابن : 14 ] فقد يخسر الرجل ، ويصير مؤاخذا بسبب هؤلاء .
والثالث : يحتمل أن يكون خسرانهم أنفسهم وأهليهم ما قال{[18790]} : { ولئن رُددت إلى ربي لأجدنّ خيرا منها منقلبا [ الكهف : 36 ] وقوله : { ولئن رُجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } [ فصلت : 50 ] خسر ما كان رجا ، وطمع أنه له عند ربه في الآخرة الحسنى . على هذه الوجوه الثلاثة يُخرّج تأويل الآية .
وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ليس من أحد من كافر ومسلم إلا وله أهل ومنزل في الجنة ، فإن أطاع الله تعالى أتى منزله وأهله ، وإن عصاه خسِر نفسه وأهله ومنزله في الجنة ، وورثه المؤمنون عنه .
لكن لا يحتمل أن يكون الله عز وجل مع علمه أنه يموت كافرا أن يجعل له الأهل والمنزل في الجنة ، اللهم إلا أن يفعل ذلك ليكون لهم حسرة على ذلك وغيظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.