نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا كَانَ لَهُم مِّنۡ أَوۡلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن سَبِيلٍ} (46)

ولما كانت العادة جارية بأن من وقع في ورطة وجد في الأغلب ولياً ينصره أو سبيلاً ينجيه ، قال عاطفاً على { وتراهم } أو " ألا إن " : { وما كان } أي صح ووجد { لهم } وأعرق في النفي فقال : { من أولياء } فما لهم من ولي لأن النصرة إذا انتفت من الجمع انتفت من الواحد من باب الأولى .

ولما كان من يفعل فعل القريب لا يفيد إلا إن كان قادراً على النصرة قال : { ينصرونهم } أي يوجدون نصرهم في وقت من الأوقات لا في الدنيا بأن يقدروا على إنقاذهم من وصف الظلم ولا في الآخرة بإنقاذهم مما جرى عليهم من العذاب . ولما كان الله تعالى يصح منه أن يفعل ما يشاء بواسطة أو غيرها قال : { من دون الله } أي ما صح ذلك وما استقام بوجه بغيره ، وأما هو فيصح ذلك منه ويستقيم له لإحاطته بأوصاف الكمال ، ولو أراد لفعل ، ولما بين ما لهم بين ما لمن اتصف بوصفهم كائناً من كان ، فقال بناء على نحو : لأنه هو الذي أضلهم : { ومن يضلل الله } أي يوجد ضلاله إيجاداً بليغاً بما أفاده الفك على سبيل الاستمرار بعدم البيان له أو بعدم التوفيق بعد البيان : { فما له } بسبب إضلال من له جميع صفات الجلال والإكرام ، وأعرق في النفي بقوله : { من سبيل * } أي تنجية من الضلال ولا مما تسبب عنه من العذب .