تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ} (48)

الآية 48 وقوله تعالى : { فإن أعرضوا } أي إن تولّوا عن إجابتك إلى ما تدعوهم إليه { فما أرسلناك عليهم حفيظا } هذا يخرّج على وجهين :

أحدهما يحتمل أي فما أرسلناك أن تحفظ عليهم أفعالهم وأعمالهم { إن عليك إلا البلاغ } أي ما عليك إلا التبليغ ، إنما حفظ أعمالهم وأفعالهم على الملائكة الذين جُعلوا حُفّاظا عليهم ، وهم الكرام الكاتبون .

والثاني : { فما أرسلناك عليهم حفيظا } يحتمل فما أرسلناك أن تمنعهم عما يفعلون حسّا ، إنما عليك البلاغ فحسب وبيان الحق ، وأنت غير مؤاخذ بما يفعلون ، وهو كقوله : { فإنما عليه ما حُمّل وعليكم ما حُمّلتم } [ النور : 54 ] ونحو ذلك .

وقوله تعالى : { وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بنا } إن كان هذا في المسلم فيكون قوله : { فرح بها } أي رضي بها ، وسُرّ بها . وإن كان في الكافر فيكون له فرح بها ، أي بطِر بها ، وأشِر .

وقوله تعالى : { وإن تُصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم فإن الإنسان كفور } هذا أيضا إن كان في المسلم فإنه إذا أصابه شدة أو بلاء ينسى ما كان إليه من الله تعالى من النّعمى ، فجعل يشكو ما أصابه ، فهو كفور للنعم التي كانت له من قبل ذلك . وإن كان في الكافر فهو ظاهر أنه كفور لنعمه وإحسانه أجمع ، والله أعلم .