الآيتان 26 و27 وقوله تعالى : { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون } { إلا الذي فطرني } والإشكال أنه عليه السلام تبرّأ من عبادة جميع ما يعبدون ، واستثنى عبادة الذي فطره ، وهو الله تعالى ، وهم لا يعبدون الذي فطره ، فكيف يستثني من جملة عبادة من يعبدون ، والاستثناء من جنس المستثنى منه ؟
فيقول بعضهم : إنه تبرّأ من عبادة من عبدوا ، واستثنى عبادة من فطره لأن فيهم من عبد الذي فطره{[18916]} الله تعالى . فلو تبرّأ من عبادة جميع ما يعبدون على الإطلاق لصار متبرّئا من عبادة الله تعالى . لذلك استثنى عبادة الله ، والله أعلم .
لكن الإشكال أنه لم يظهر أن في قومه من يعبد الله تعالى ، وهو الذي فطره ، وخلقه . فما معنى الاستثناء ؟
فيقال : إن لم يكن في قومه من يعبد الذي فطره فكان في آبائهم وأوائلهم من يعبد الله تعالى ، ولا وقوف له على ذلك ، فيصير متبرّئا من ذلك لو تبرّؤوا ممن يعبدون جميعا ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكون استثنى الذي فطره لأنهم يعبدون هذه الأصنام والأوثان دون الله تعالى رجاء أن تشفع لهم ، فتقرّبهم إلى الله زلفى لقولهم : { ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زُلفى } [ الزمر : 3 ] وقولهم : { هؤلاء شفعائنا عند الله } [ يونس : 18 ] فرجع استثناؤه إلى حقيقة الذين قصدوا بالعبادة ، وهو الذي فطرهم ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكون هذا استثناء منقطعا ، وهو الاستثناء بخلاف الجنس بمعنى . لكن معناه : أني براء مما تعبدون ، ولكن أعبد الذي فطرني ، وذلك جائز في اللغة كقوله تعالى : { لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما } [ مريم : 62 ] [ وقوله تعالى ]{[18917]} : { إلا أن تكون تجارة عن تراض } [ النساء : 29 ] أي ولكن تجارة عن تراض لأنه لا يجوز أن تُستثنى التجارة عن تراض من الباطل ، ولا السلام من اللغو . ونحو ذلك كثير ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إنني براء مما تعبدون } ذُكر أن هذا الحرف { براء } على ميزان واحد في الوُحدان /497-أ/ والتثنية والجمع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.