فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ} (26)

ثم لما بين في الآية المتقدمة أنه ليس لأولئك الكفار داع يدعوهم إلى تلك الأقاويل الباطلة إلا تقليد الآباء والأسلاف ، وبين أنه طريق باطل ، ومنهج فاسد ، وأن الرجوع إلى الدليل أولى من الاعتماد على التقليد ، أردفه بهذه الآية :

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } الذي هو أعظم آبائهم ، ومحط فخرهم ، والمجمع على محبته وحقية دينه منهم ومن غيرهم { لِأَبِيهِ } أي واذكر لهم وقت قوله لأبيه من غير أن يقلده ، كما قلدتم أنتم آباءكم { وَقَوْمِهِ } أي الذين قلدوا آباءهم ، وعبدوا الأصنام .

{ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } تبرأ مما هم عليه وتمسك بالبرهان ، ليسلكوا مسلكه في الاستدلال ، والبراء مصدر نعت للمبالغة ، وهو يستعمل للواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث ، وقال الجوهري : وتبرأت من كذا وأنا منه براء وخلاء لا يثنى ولا يجمع ، لأنه مصدر في الأصل وبه قال الكسائي والمبرد والزجاج .