تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ} (4)

الآية4 : وقوله تعالى : { وثيابك فطهر } جائز أن يكون أريد بالثياب نفسه ، وتجعل الثياب كناية عنها كما ذكر أن العرب كانت تقول/ إذا كان الرجل ، ينكث العهد ، وليس بذي وفاء : إنه لدنس الثياب ، وإذا كان له وفاء قالوا : إنه لطاهر فإذا كان الخطاب متوجها إلى النفس فتأويله ، والله أعلم ، أن طهر خلقك وأفعالك عما تُذم عليه .

وجائز أن يكون أريد به{[22567]} الثياب ، فيكون قوله : { وثيابك فطهر } متوجها إلى التطهير من النجاسة وإلى التطهير من الأدناس ؛ وأما التطهير من الأدناس فجائز أن يؤمر به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه كان مأمورا بتبليغ الرسالة إلى الخلق ، فندب إلى تطهير ثيابه من الدنس لئلا يُستقذر ، بل ينظر إليه بعين التبجيل والعظمة . وليس هذا على تطهير الثياب خاصة ، بل أمر أن يطهر جميع ما يقع له به التمتع من المأكل والمشرب والملبس وغيرها ، والله أعلم .

وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : لا تلبس الثوب على فخر ولا غدر ، قيل : وكان الرجل إذا كان غادرا في الجاهلية يقال : إنه دنس الثياب .

وقال الحسن : خلقك فحسّن . وقال بعضهم : أي : قصر ثيابك ، ولا تطولها ، فتبلغ أطرافها[ الأرض ، فتصيبها ]{[22568]} النجاسة ، والله أعلم .


[22567]:في الأصل و م: بها.
[22568]:أدرج قبلها في الأصل و م: على الأرض، فتصيبه.