النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (60)

ثم قال تعالى { إلاّ امرأته } فكانت مستثناة من آل لوط ولاحقة بالمجرمين ، لأن كل استثناء يعود إلى ما تقدمه فيخالفه في حكمه . فإن عاد إلى إثبات كان الاستثناء نفياً ، وإن عاد إلى نفي كان الاستثناء إثباتاً ، فصارت امرأة لوط ملحقة بالمجرمين المهلكين .

ومثال هذا في الإقرار أن يقول له : عليّ عشرة إلا سبعة إلا أربعة ، فيكون عليه سبعة لأن الأربعة استثناء يرجع إلى السبعة التي قبلها ، فصار الباقي منها ثلاثة . وتصير الثلاثة الباقية هي الاستثناء الراجع إلى العشرة ، فيبقى منها سبعة .

وهكذا في الطلاق لو قال لزوجته : أنت طالق ثلاثاً أو اثنتين إلا واحدة طلقت ثنتين لأن الواحدة ترجع إلى الثنتين ، فتبقى منها واحدة فتصير الواحدة هي القدر المستثنى من الثلاثة فيصير الباقي منها ثنتين وهكذا حكم قوله : { إلا امرأته } . { قدرنا } فيه وجهان :

أحدهما : معناه قضينا ، قاله النخعي .

الثاني : معناه كتبنا ، قاله علي بن عيسى .

{ إنها لَمِنَ الغابرين } فيه وجهان :

أحدهما : أي من الباقين في العذاب مع المجرمين .

الثاني : من الماضين بالعذاب .