وقد زعم بعض النحويين في الاستثناء المنقطع المقدر بلكن إذا لم يكن بعده ما يصح أن يكون خبراً أنّ الخبر محذوف ، وأنه في موضع رفع لجريان إلا وتقديرها بلكن .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فقوله إلا امرأته مم استثنى ، وهل هو استثناء من استثناء ؟ ( قلت ) : استثنى من الضمير المجرور في قوله : لمنجوهم ، وليس من الاستثناء من الاستثناء في شيء ، لأن الاستثناء من الاستثناء إنما يكون فيما اتحد الحكم فيه ، وأن يقال : أهلكناهم إلا آل لوط إلا امرأته ، كما اتحد الحكم في قول المطلق : أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحدة ، وفي قول المقر لفلان : عليّ عشرة دراهم إلا ثلاثة إلا درهماً .
فأما في الآية فقد اختلف الحكمان ، لأنّ إلا آل لوط متعلق بأرسلنا أو بمجرمين ، وإلا امرأته قد تعلق بمنجوهم ، فأنى يكون استثناء من استثناء : انتهى .
ولما استسلف الزمخشري أن إلا امرأته مستثنى من الضمير المجرور في لمنجوهم ، لم يجوز أن يكون استثناء من استثناء .
ومن قال : إنه استثناء فيمكن تصحيح كلامه بأحد وجهين : أحدهما : أنه لما كان الضمير في لمنجوهم عائد على آل لوط ، وقد استثنى منه المرأة ، صار كأنه مستثنى من آل لوط ، لأنّ المضمر هو الظاهر في المعنى .
والوجه الآخر : أن قوله : إلا آل لوط ، لما حكم عليهم بغير الحكم على قوم مجرمين اقتضى ذلك نجاتهم ، فجاء قوله : إنا لمنجوهم أجمعين تأكيداً لمعنى الاستثناء ، إذ المعنى إلا آل لوط ، فلم يرسل إليهم بالعذاب ، ونجاتهم مترتبة على عدم الإرسال إليهم بالعذاب ، فصار نظير قولك : قام القوم إلا زيداً ، فإنه لم يقم وإلا زيداً لم يقم .
فهذه الجملة تأكيد لما تضمنه الاستثناء من الحكم على ما بعد إلا بضد الحكم السابق على المستثنى منه ، فإلا امرأته على هذا التقرير الذي قررناه استثناء من آل لوط ، لأن الاستثناء مما جيء به للتأسيس أولى من الاستثناء مما جيء به للتأكيد .
وقرأ الأخوان : لمنجوهم بالتخفيف ، وباقي السبعة بالتشديد .
وقرأ أبو بكر : قدرنا بالتخفيف ، وباقي السبعة بالتشديد ، وكسرت إنها إجراء لفعل التقدير مجرى العلم ، إما لكونه بمعناه ، وإما لترتبه عليه .
وأسندوا التقدير إليهم ، ولم يقولوا : قدر الله ، لأنهم هم المأمورون بإهلاكهم كما يقول من يلوذ بالملك ومن هو متصرف بأوامره : أمرنا بكذا ، والآمر هو الملك .
وقال الزمخشري : لما لهم من القرب والاختصاص بالله الذي ليس لأحد غيرهم انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.