السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (60)

وقوله تعالى : { إلا امرأته } استثناء من آل لوط أو من ضميرهم على الأوّل وعلى الثاني لا يكون إلا من ضميرهم لاختلاف الحكمين اللهم إلا أن يجعل { إنا لمنجوهم } اعتراضاً وقوله تعالى : { قدّرنا } قرأ شعبة بتخفيف الدال والباقون بالتشديد { إنها لمن الغابرين } أي : من الباقين في العذاب لكفرها .

تنبيه : معنى التقدير في اللغة جعل الشيء على مقدار غيره يقال : قدر هذا الشيء لهذا ، أي : اجعله على مقداره وقدّر الله تعالى الأقوات ، أي : جعلها على مقدار الكفاية ويفسر التقدير بالقضاء فيقال : قضى الله تعالى عليه وقدره عليه ، أي : جعله على مقدار ما يكفي في الخير والشر وقيل : معنى قدّرنا كتبنا . وقال الزجاج : دبرنا . فإن قيل : لم أسند الملائكة فعل التقدير إلى أنفسهم مع أنه لله عز وجلّ ؟ أجيب : بأنهم إنما ذكروا هذه العبارة لما لهم من القرب والاختصاص بالله تعالى كما تقول خاصة الملك دبرنا كذا وأمرنا بكذا والمدبر والآمر هو الملك لا هم وإنما يريدون بهذا الكلام إظهار ما لهم من الاختصاص بذلك الملك فكذا هنا .