فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ قَدَّرۡنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (60)

{ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ( 60 ) }

{ إِلاَّ امْرَأَتَهُ } فليست ممن ننجيه بل ممن نهلكه لكفرها ، وهذا الاستثناء من الضمير في لمنجوهم إخراجا لها من التنجية ، وقيل من آل لوط باعتبار ما حكم لهم به من التنجية ، والمعنى أنها من الهالكين لأن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي ، ومنعه الزمخشري وقال : كيف يكون استثناء من استثناء ، وقد اختلف الحكمان .

{ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ } أي قضينا وحكمنا أنها من الباقين في العذاب مع الكفرة ، والغابر الباقي والماضي ، وهو من الأضداد وبابه دخل .

قال الزجاج : معنى قدرنا دبرنا وهو قريب من معنى قضينا ، وأصل التقدير جعل الشيء على مقدار الكفاية ، وقرئ قدرنا بالتخفيف وبالتشديد . قال الهروي : هما بمعنى وقيل ضمن قدرنا معنى العلم فلذلك علق باللام مع كون التعليق من خصائص أفعال القلوب فكسرت إن .

وقيل هذا لا يصح علة لكسرها إنما يصلح علة لتعليقها الفعل قبلها فقط ، والعلة في كسرها وجود اللام ولولاها لفتحت ، وإنما أسند التقدير إلى الملائكة مع كونه من فعل الله سبحانه مجازا لما لهم من القرب عند الله ، أو أنهم رسل الله وواسطة بينه وبين خلقه .