جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك المكذّبيك، الرّادّين عليك ما أتيتهم به من عند ربك: ما أسألكم من جُعْلٍ على إنذاريكم عذاب الله، وتخويفكم به بأسه، ونصيحتي لكم في أمري إياكم بالإيمان بالله، والعمل بطاعته، فهو لكم لا حاجة لي به. وإنما معنى الكلام: قل لهم: إني لم أسألكم على ذلك جُعْلاً فتتهموني، وتظنوا أني إنما دعوتكم إلى اتباعي لمال آخذه منكم...
وقوله:"إنْ أجْرِيَ إلاّ عَلى اللّهِ" يقول: ما ثوابي على دعائكم إلى الإيمان بالله، والعمل بطاعته، وتبليغكم رسالته، إلاّ على الله.
"وَهُوَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "يقول: والله على حقيقة ما أقول لكم شهيد يشهد لي به، وعلى غير ذلك من الأشياء كلها.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{فَهُوَ لَكُمْ} جزاء الشرط الذي هو قوله: {مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ} وفيه معنيان أحدهما: نفي مسألة الأجر رأساً، كما يقول الرجل لصاحبه: إن أعطيتني شيئاً فخذه، وهو يعلم أنه لم يعطه شيئاً ولكنه يريد به البت؛ لتعليقه الأخذ بما لم يكن.
{على كُلّ شيء شَهِيدٌ} حفيظ مهيمن، يعلم أني لا أطلب الأجر على نصيحتكم ودعائكم إليه إلا منه، ولا أطمع منكم في شيء.
لما ذكر أنه ما به جنة ليلزم منه كونه نبيا ذكر وجها آخر يلزم منه أنه نبي إذا لم يكن مجنونا؛ لأن من يرتكب العناء الشديد لا لغرض عاجل إذا لم يكن ذلك فيه ثواب أخروي يكون مجنونا، فالنبي عليه السلام بدعواه النبوة يجعل نفسه عرضة للهلاك عاجلا، فإن كل أحد يقصده ويعاديه، ولا يطلب أجرا في الدنيا فهو يفعله للآخرة، والكاذب في الآخرة معذب لا مثاب، فلو كان كاذبا لكان مجنونا لكنه ليس بمجنون فليس بكاذب، فهو نبي صادق.
{وهو على كل شيء شهيد} تقرير آخر للرسالة وذلك لأن الرسالة لا تثبت إلا بالدعوى والبينة، بأن يدعي شخص النبوة ويظهر الله له المعجزة فهي بينة شاهدة والتصديق بالفعل يقوم مقام التصديق بالقول في إفادة العلم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما انتفى عنه بهذا ما خيلوا به، بقي إمكان أن يكون لغرض أمر دنيوي فنفاه بأمره بقوله: {قل...}.
{إن} أي ما {أجري إلا على الله} أي الذي لا أعظم منه، فلا ينبغي لذي همة أن يبتغي شيئاً إلا من عنده.
{وهو} أي والحال أنه {على كل شيء شهيد} أي بالغ العلم بأحواله، فهو جدير بأن يهلك الظالم ويعلي كعب المطيع...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
دعاهم في المرة الأولى إلى التفكر الهادئ البريء.. ما بصاحبكم من جنة.. ويدعوهم هنا أن يفكروا ويسألوا أنفسهم عما يدعوه إلى القيام بإنذارهم بين يدي عذاب شديد؛ ما مصلحته؟ ما بواعثه؟ ماذا يعود عليه؟ ويأمره أن يلمس منطقهم ويوقظ وجدانهم إلى هذه الحقيقة في صورة موحية: (قل: ما سألتكم من أجر فهو لكم)! خذوا أنتم الأجر الذي طلبته منكم! وهو أسلوب فيه تهكم وفيه توجيه وفيه تنبيه.
(إن أجري إلا على الله).. هو الذي كلفني. وهو الذي يأجرني. وأجره هو الذي أتطلع إليه. ومن يتطلع إلى ما عند الله فكل ما عند الناس هين عنده هزيل زهيد لا يستحق التفكير...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وهم لما ادّعوا أنه ساحر أو أنه شاعر أو أنه كاهن لزم من دعواهم أنه يتعرض لجائزة الشاعر، وحُلوان الكاهن؛ فلما نفيت عنه تلك الخلال لم يبق لهم في الكنانة سهم طعن، إلا أن يزعموا أنه يطلب أجراً على الإِرشاد فقيل لهم: {ما سألتكم من أجر فهو لكم} إن كان بكم ظنّ انتفاعي منكم بما دعوتكم إليه، فما كان لي من أجر عليه فخذوه، وهذه طريقة بديعة في الكناية التهكمية عن عدم انتفاعه بما يدعوهم إليه بأن يفرض كالواقع، ثم يرتب عليه الانكفاف عنه ورد ما فات منه؛ ليفضي بذلك إلى البراءة منه ومن التعرض له، {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين} [ص: 86، 87] أو إن كنت سألتكم أجراً فلا تعطونيه، وإن كنتم أعطيتم شيئاً فاستردّوه، فكُنِّي بهذا الشرط المحقّق انتفاؤه عند انتفاء أن يكون طالباً أجراً منهم...
والأجر: عوض نافع على عمل سواء كان مالاً أو غيره...
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
وجريا على ما درج عليه الرسل صلوات الله وسلامه عليهم منذ أقدم القدم، من التطوع بتبليغ الرسالة إلى أقوامهم، والترفع عن تناول أي أجر على ما يقومون به من تبليغ رسالات ربهم، خاطب كتاب الله خاتم رسله قائلا: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم، إن أجري إلا على الله، وهو على كل شيء شهيد}...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.