البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ} (47)

{ قل ما سألتكم من أجر } الآية : في التبري من طلب الدنيا ، وطلب الأجر على النور الذي أتى به ، والتوكل على الله فيه .

واحتملت ما أن تكون موصولة مبتدأ ، والعائد من الصلة محذوف تقديره : سألتكموه ، و { فهو لكم } الخبر .

ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، واحتملت أن تكون شرطية مفعولة بسألتكم ، وفهو لكم جملة هي جواب الشرط .

وقوله : { ما سألتكم من أجر فهو لكم } على معنيين : أحدهما : نفي مسألة للأجر ، كما يقول الرجل لصاحبه : إن أعطيتني شيئاً فخذه ، وهو يعلم أنه لم يعطه شيئاً ، ولكنه أراد البت لتعليقه الأخذ بما لم يكن ، ويؤيده { إن أجري إلا على الله } .

والثاني : أن يريد بالأجر ما في قوله : { قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } وفي قوله : { لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى } لأن اتخاذ السبيل إلى الله نصيبهم ما فيه نفعهم ، وكذلك المودة في القرابة ، لأن القرابة قد انتظمت وإياهم ، قاله الزمخشري ، وفيه بعض زيادة .

قال ابن عباس : الأجر : المودة في القربى .

وقال قتادة : { فهو لكم } ، أي ثمرته وثوابه ، لأني سألتكم صلة الرحم .

وقال مقاتل : تركته لكم .

{ وهو على كل شيء شهيد } : مطلع حافظ ، يعلم أني لا أطلب أجراً على نصحكم ودعائكم إليه إلا منه ، ولا أطمع منكم في شيء .