فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ} (47)

ثم أمر سبحانه أن يخبرهم : أنه لم يكن له غرض في الدنيا ، ولا رغبة فيها حتى تنقطع عندهم الشكوك ، ويرتفع الريب ، فقال : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } أي ما طلبت منكم من جعل تجعلونه لي مقابل الرسالة ، فهو لكم إن سألتكموه ، والمراد نفي السؤال بالكلية ، كما يقول القائل : ما أملكه في هذا ، فقد وهبته لك ، يريد أنه لا ملك له فيه أصلاً ، ومثل هذه الآية قوله : { قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة في القربى } [ الشورى : 23 ] ، وقوله : { مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً } [ الفرقان : 57 ] . ثم بين لهم : أن أجره عند الله سبحانه ، فقال : { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله } أي ما أجري إلاّ على الله لا على غيره { وَهُوَ على كُلّ شَىْء شَهِيدٍ } أي مطلع لا يغيب عنه منه شيء .

/خ50