الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ} (28)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَقَرّبهُ إلَيْهِمْ قالَ ألا تَأْكُلُونَ "وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه وهو فقرّبه إليهم، فأمسكوا عن أكله، فقال: ألا تأكلون؟

"فأوجس منهم"، يقول: فأوجس في نفسه إبراهيم من ضيفه خيفة وأضمرها "قالُوا لا تَخَفْ وَبَشرُوهُ بغُلامٍ عَلِيمٍ" يعني: بإسحاق، وقال: عليم بمعنى عالم إذا كبر، وذكر الفراء أن بعض المشيخة كان يقول: إذا كان للعلم منتظرا قيل: إنه لعالم عن قليل وغاية، وفي السيد سائد، والكريم كارم. قال: والذي قال حسن. قال: وهذا أيضا كلام عربيّ حسن قد قاله الله في عليم وحكيم وميت...

وإنما قلت: عنى به إسحاق، لأن البشارة كانت بالولد من سارّة، وإسماعيل لهاجرَ لا لسارّة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قالوا لا تخف} لذلك أُرسلنا، والله أعلم.

وقوله تعالى: {وبشّروه بغلام عليم} يحتمل قوله: {عليم} وجهين:

أحدهما: أي بشّروه بغلام، يصير عليما إذا كَبِر.

والثاني: {وبشّروه بغلام} بولد {عليم} يُؤتيه الله تعالى علما في بطن أمه، أو إذا وُلد يؤتيه علما في صغره. ولله أن يُؤتيَ العلم من يشاء في حال الصِّغر والكِبر. ألا ترى أنه قال: عز وجل في عيسى عليه السلام: {وآتيناه الحُكم صبيًّا}؟ [مريم: 12]. فعلى ذلك الغلام، هو إسحاق عليه السلام لأنه بيّن في آية أخرى في من كانت البشارة حين قال: {وبشّرناه بإسحاق} [الصافات: 112] دلّ أن البِشارة إنما كانت بإسحاق. ثم ذكر في سورة هود عليه السلام البشارة لامرأته حين قال: {فبشّرناها بإسحاق} [الآية: 71] وذكر في هذه السورة البشارة لإبراهيم عليه السلام بقوله: {وبشّروه بغلام عليم} [الذاريات: 28]. لكن جائز أنه لما بشّرها بالولد بشّرها بالولد منه، وإذا بشّروا إبراهيم عليه السلام بالولد بشّروه بالولد منها. فإذا بُشّر أحدهما بالولد من الآخر فتكون البشارة لهما جميعا، والله أعلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"لا تخف " يا إبراهيم فإنا رسل الله وملائكته أرسلنا الله إلى قوم لوط لنهلكهم.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(فأوجس منهم خيفة) أي: دخل في نفسه منهم خيفة. وفي التفسير: أن السبب في ذلك أن الرجل كان إذا طرقه ضيف فقدّم إليه شيئا وأكله أمِن منه، وإن لم يأكل خاف شره...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فلما استمروا على ترك الأكل {أوجس منهم خيفة}. والوجيس: تحسيس النفس وخواطرها في الحذر. وذلك أن أكل الضيف أمنة ودليل على انبساط نفسه، والطعام حرمة و ذمام، والامتناع منه وحشة. فخشي إبراهيم عليه السلام أن امتناعهم من أكل طعامه إنما هو لشر يريدونه، فقالوا له: {لا تخف} وعرفوه أنهم ملائكة. ويروى أنه إنما عرف كونهم ملائكة استدلالاً من بشارتهم إياه بغيب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{عليم} أي مجبول جبلة مهيأة للعلم ولا يموت حتى يظهر علمه بالفعل في أوانه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الفاء في {فأوجس منهم خيفة} فصيحة لإفصاحها عن جملة مقدرة يقتضيها ربط المعنى، أي فلم يأكلوا فأوجس منهم خيفة...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{قَالُواْ لاَ تَخَفْ} فلسنا بشراً لنأكل كما يأكل البشر، بل نحن من الملائكة المرسلين إليك من قبل الله، {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلَيمٍ} فزال خوفه منهم، وتقبَّل البشارة بوعي رسوليّ إيمانيّ مؤمن بقدرة الله، أما امرأته، فقد هزتها المفاجأة بشدة، لأنها لم تكن تنتظر هذا الحدث.