فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ} (28)

{ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أي أحسّ في نفسه خوفاً منهم لما لم يأكلوا مما قرّبه إليهم . وقيل : معنى أوجس : أضمر ، وإنما وقع له ذلك لما لم يتحرموا بطعامه . ومن أخلاق الناس أن من أكل من طعام إنسان صار آمناً منه ، فظن إبراهيم أنهم جاءوا للشرّ ، ولم يأتوا للخير . وقيل : إنه وقع في قلبه أنهم ملائكة ، فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف { قالوا لاَ تَخَفْ } وأعلموه أنهم ملائكة مرسلون إليه من جهة الله سبحانه { وَبَشَّرُوهُ بغلام عَلَيمٍ } أي بشروه بغلام يولد له كثير العلم عند أن يبلغ مبالغ الرجال ، والمبشر به عند الجمهور هو إسحاق . وقال مجاهد وحده : إنه إسماعيل ، وهو مردود بقوله : { وبشرناه بإسحاق } [ الصافات : 112 ] وقد قدّمنا تحقيق هذا المقام بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره .