الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ} (28)

قوله تعالى : " فأوجس منهم خيفة " أي أحس منهم في نفسه خوفا . وقيل : أضمر لما لم يَتَحَرَّمُوا بطعامه . ومن أخلاق الناس : أن من تَحَرَّم بطعام إنسان أمنه . وقال عمرو بن دينار : قالت الملائكة لا نأكل إلا بالثمن . قال : كلوا وأدوا ثمنه . قالوا : وما ثمنه ؟ قال : تسمون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم . فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : لهذا اتخذك الله خليلا . وقد تقدم هذا في " هود " ولما رأوا ما بإبراهيم من الخوف " قالوا لا تخف " وأعلموه أنهم ملائكة الله ورسله . " وبشروه بغلام عليم " أي بولد يولد له من سارة زوجته . وقيل : لما أخبروه أنهم ملائكة لم يصدقهم ، فدعوا الله فأحيا العجل الذي قربه إليهم . وروى عون بن أبي شداد : أن جبريل مسح العجل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار . ومعنى " عليم " أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله وبدينه . والجمهور على أن المبشر به هو إسحاق . وقال مجاهد وحده : هو إسماعيل وليس بشيء فإن الله تعالى يقول : " وبشرناه بإسحاق{[14234]} " [ الصافات : 112 ] . وهذا نص .


[14234]:راجع جـ 15 ص 99.