فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ} (28)

{ فأوجس منهم خيفة } أي أحس في نفسه خوفا منهم لما لم يأكلوا مما قربه إليهم ، وقيل . معنى أوجس أضمر ، وإنما وقع له ذلك لما لم يتحرموا بطعامه ، ومن أخلاق الناس أن من أكل من طعام إنسان صار آمنا منه ، فظن إبراهيم أنهم جاؤوا للشر ، ولم يأتوا للخير ، وفي زاده أن الإنكار الحاصل قبل تقرب العجل كما مر في هود بمعنى عدم العلم بأنهم من أي بلدة ، والانكار الحاصل بعده بمعنى عدم العلم بأنهم دخلوا عليه لقصد الخير أو الشر ، فإن من امتنع من تناول الطعام يخاف من شره ، وقيل : إنه وقع في قلبه أنهم ملائكة ، فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف { قالوا : لا تخف } وأعلموه أنهم ملائكة مرسلون إليه من جهة الله سبحانه .

{ وبشروه بغلام عليم } أي ذي علم كثير عند أن بلغ مبالغ الرجال والمبشر به عند الجمهور هو إسحق وقال مجاهد وحده : إنه إسماعيل وهو مردود بقوله : { وبشرناه بإسحاق } وقد قدمنا تحقيق هذا الكلام في هود بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره