المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

بدأت السورة بالإخبار بأن الله سبح له ونزهه عما لا يليق به كل ما في السماوات والأرض ، وأنه العزيز الذي لا يغلب ، الحكيم في تصرفاته وتشريعه ، ومن آثار عزته وحكمته ما تحدثت عنه السورة من عاقبة بني النضير وهم من يهود المدينة وكانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة على ألا يكونوا عليه ولا له ، فلما كانت هزيمة المسلمين في يوم أحد نكثوا عهدهم ، وحالفوا قريشا عليه صلى الله عليه وسلم فحاصرهم في حصونهم التي ظنوا أنها تمنعهم ، فلم تمنعهم ، ثم أجلاهم عن المدينة ، ثم بينت حكم الفيء : وهو ما كان من الغنائم بلا حرب ولا إسراع بركوب الخيل ونحوها ، فذكرت أنه لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، والفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم . ثم تحدثت عن الأنصار وفضلهم ، وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم ولو كان بم حاجة إلى ما آثروهم به ، ولفتت النظر إلى ما كان من وعود المنافقين لبني النضير في قولهم لهم : لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولئن قوتلتم لننصرنكم ، وفضحت كذبهم وتغريرهم في ذلك .

ثم خلصت السورة إلى تذكير المؤمنين بما ينبغي أن يكونوا عليه من تقوى الله ، والتزود للمستقبل القريب والبعيد ، ولا يكونوا كالذين أعرضوا عن الله فأنساهم أنفسهم .

1- نزه الله عما لا يليق به كل ما في السماوات وما في الأرض ، وهو الغالب الذي لا يعجزه شيء ، الحكيم في تدبيره وأفعاله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

( 59 ) سورة الحشر مدنية وآياتها أربع وعشرون .

هذه السورة مدنية باتفاق من أهل العلم وهي سورة بني النضير ، وذلك أن رسول الله كان عاهد بني النضير على سلم وهم يرون أنه لا ترد له راية فلما جرت هزيمة أحد ارتابوا وداخلوا قريشا وغدروا ، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد تبين له معتقد بني النضير وغدرهم بعهده وموالاتهم للكفرة ، فجمع إليهم وحاصرهم وعاهدهم على أن يجليهم عن أرضهم فارتحلوا إلى بلاد مختلفة خيبر والشام وغير ذلك من البلاد ، ثم كان أمر بني قريظة مرجعه من الأحزاب .

قد تقدم القول في تسبيح الجمادات التي يتناولها عموم ما في السماوات والأرض وأن أهل العلم اختلفوا في ذلك . فقال قوم : ذلك على الحقيقة ، وقال آخرون : ذلك مجاز أي آثار الصنعة فيها والإيجاد لها كالتسبيح وداعية إلى التسبيح ممن له أن يسبح ، قال مكي { سبح } معناه : صلى وسجد فهذا كله بمعنى الخضوع والطوع ، و { العزيز الحكيم } صفتان مناسبتان لما يأتي بعد من قصة العدو الذي أخرجهم من ديارهم .