فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

( 59 ) سورة الحشر مدنية وآياتها أبرع وعشرون ، كلماتها : 445 ؛ حروفها : 2153 .

روى البخاري وغيره عن ابن جبير قال : قلت لابن عباس سورة الحشر ؛ قال : قل : سورة بني النضير ؛ قال ابن حجر : كأنه كره تسميتها بالحشر لئلا يظن أن المراد به يوم القيامة ؛ وإنما المراد ههنا إخراج بني النضير .

بسم الله الرحمان الرحيم :

{ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض } ، نزه الله تعالى عن السوء ومجدته السماء بما فيها من ملك وفلك ونجوم وكواكب وشمس وقمر ، والأرض وما فيها من إنس وجن ورطب ويابس ؛ فكأن المعنى : [ كل ما دونه من خلقه يسبحه تعظيما له وإقرارا بربوبيته وإذعانا لطاعته ]{[6473]} . أو يكون [ إعلاما بأن المكونات من لدن إخراجها من العدم إلى الوجود إلى الأبد مسبحة مقدسة لذاته سبحانه وتعالى قولا وفعلا ، طوعا وكرها ]{[6474]} : { . . وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم . . }{[6475]} .

مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن : { ما في السماوات } من الملائكة ، { والأرض } من شيء فيه روح أو لا روح فيه . وقيل : هو تسبيح الدلالة . وأنكر الزجاج هذا وقال : لو كان تسبيح الدلالة وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة . . . وإنما هو تسبيح مقال ؛ واستدل بقوله تعالى : { . . وسخرنا مع داود الجبال يسبحن . . } فلو كان هذا تسبيح دلالة فأي تحضيض لداود ؟ .

أو هو تنزيه لله تعالى أن يعجز عن شيء وعن أن يعترض عليه في فعل .

{ وهو العزيز الحكيم ( 1 ) } ، ربنا الذي ننزهه ونقدسه ، وتسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، هو الغالب الذي لا يمانع فعله ممانع ولا ينازعه التدبير منازع ، { الحكيم } الذي يقضي كل أمر على ما تقتضيه الحكمة .


[6473]:- مقتبس ما بين العارضتين من جامع البيان للطبري.
[6474]:- ما بين العارضتين نقله الألوسي عن الطيبي.
[6475]:- سورة الإسراء. من الآية 44.