المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

12- أرسله معنا إلى المراعى غداً ، يتمتع بالأكل الطيب ، ويلعب ويمرح وإنا لحريصون على المحافظة عليه ، ودفع الأذى عنه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

قوله تعالى : { أرسله معنا غدا } ، إلى الصحراء ، { يرتع ويلعب } ، قرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، بالنون فيهما وجزم العين في { نرتع } ، وقرأ يعقوب { نرتع } بالنون ، { ويلعب } بالياء ، وقرأ أهل الكوفة بالياء فيهما وجزم العين في { يرتع } يعني يوسف ، وقرأ الآخرون { نرتع } بالنون ، { ويلعب } بالياء ، والرتع هو الاتساع في الملاذ ، يقال : رتع فلان في ماله إذا أنفقه في شهواته ، يريد ونتنعم ونأكل ونشرب ونلهو وننشط . وقرأ أهل الحجاز : { يرتع } بكسر العين ، وهو يفتعل من الرعي . ثم ابن كثير قرأ بالنون فيهما أي : نتحارس ويحفظ بعضنا بعضا . وقرأ أبو جعفر و نافع بالياء إخبارا عن يوسف ، أي : يرعى الماشية كما نرعى نحن .

قوله تعالى : { وإنا له لحافظون } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

{ أَرْسِلْهُ مَعَنَا } أي : ابعثه معنا ، { غَدًا نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ } وقرأ بعضهم بالياء { يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ }

قال ابن عباس : يسعى وينشط . وكذا قال قتادة ، والضحاك والُّسدِّي ، وغيرهم .

{ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } يقولون : ونحن نحفظه ونحوطه من أجلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

جملة { أرسله } مستأنفة استئنافاً بيانيّاً لأن الإنكار المتقدّم يثير ترقب يعقوب عليه السّلام لمعرفة ما يريدون منه ليوسف عليه السّلام .

و { يرتَع } قرأه نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب بياء الغائب وكسر العَين . وقرأه ابن كثير بنون المتكلّم المشارك وكسر العين وهو على قراءتي هؤلاء الأربعة مضارع ارتعَى وهو افتعال من الرّعي للمبالغة فيه .

فهو حقيقة في أكل المواشي والبهائم واستعير في كلامهم للأكل الكثير لأنّ الناس إذا خرجوا إلى الرّياض والأرياف للّعب والسّبق تقوى شهوة الأكل فيهم فيأكلون أكلاً ذريعاً فلذلك شبّه أكلهم بأكل الأنعام .

وإنّما ذكروا ذلك لأنّه يسرّ أباهم أن يكونوا فرحين .

وقرأه أبو عمرو ، وابن عامر بنون وسكون العين . وقرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف بياء الغائب وسكون العين وهو على قراءتي هؤلاء الستة مضارع رتَع إذا أقام في خصب وسعة من الطعام . والتحقيق أنّ هذا مستعار من رتعت الدّابة إذا أكلت في المرعى حتّى شبعت . فمفاد المعنى على التأويلين واحد .

واللّعب : فعل أو كلام لا يراد منه ما شأنه أن يراد بمثله نحو الجري والقفز والسّبق والمراماة ، نحو قول امرىء القيس :

فظلّ العذارى يرتمين بشحمها

يقصد منه الاستجمام ودفع السآمة . وهو مباح في الشرائع كلّها إذا لم يصر دأباً . فلا وجه لتساؤل صاحب « الكشاف » على استجازة يعقوب عليه السّلام لهم اللعب .

والذين قرأوا { نرتع } بنون المشاركة قرأوا { ونلعب } بالنون أيضاً .

وجملة { وإنّا له لحافظون } في موضع الحال مثل { وإنّا له لناصحون } [ سورة يوسف : 10 ] . والتّأكيد فيهما للتّحقيق تنزيلاً لأبيهم منزلة الشّاك في أنّهم يحفظونه وينصحونه كما نزّلوه منزلة من لا يأمنهم عليه من حيث إنّه كان لا يأذن له بالخروج معهم للرعي ونحوه .

وتقديم { له } في { له لناصحون } و { له لحافظون } يجوز أن يكون لأجل الرعاية للفاصلة والاهتمام بشأن يوسف عليه السّلام في ظاهر الأمر ، ويجوز أن يكون للقصر الادّعائي ؛ جعلوا أنفسهم لفرط عنايتهم به بمنزلة من لا يحفظ غيره ولا ينصح غيره .

وفي هذا القول الذي تواطأوا عليه عند أبيهم عبرة من تواطىء أهل الغرض الواحد على التحيّل لنصب الأحابيل لتحصيل غرض دنيء ، وكيف ابتدأوا بالاستفهام عن عدم أمنه إيّاهم على أخيهم وإظهار أنّهم نصحاء له ، وحققوا ذلك بالجملة الاسمية وبحرف التوكيد ، ثمّ أظهروا أنّهم ما حرصوا إلاّ على فائدة أخيهم وأنّهم حافظون له وأكّدوا ذلك أيضاً .