تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

وقوله تعالى : ( أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) كان يعقوب خاف على نفسه ، أعني يوسف الضيعة بتركهم حفظه فأمنوه على ذلك بقولهم : ( وإنا له لحافظون ) وخاف عليهم الضياع من جهة الجوع بتركهم حفظه أوقات الأكل ، فأمنوه على ذلك بقولهم ( يرتع ) أي يأكل ، وخاف قلبه أن يكلفوه أمرا يشق عليه ويشتد ، فأمنوه[ من م ، في الأصل : فأمنوا ] أيضا على ذلك بقولهم : ( ويلعب ) لأنه ليس في اللعب مشقة ولا شدة . فخاف عليه الضياع بالوجوه التي ذكر فأمنوه[ من م ، في الأصل : فأمنوا ] على تلك الوجوه كلها حتى استنقذوه من يديه .

وقوله تعالى : ( يرتع ويلعب ) [ قال بعضهم : ( يرتع ) يأكل ( يلعب ) يلهو ][ في الأصل يله ، ساقطة من م ] كأنه خرج جوابا [ لقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] ( قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ )[ يوسف : 13 ] قالوا له لا تحزن عليه فإنه يرتع ، و يلعب ، على التقديم والتأخير . وقال بعضهم : ( يرتع ) ينبسط[ في م : ينشط ] ( ويلعب )[ يتله وقرئ بالنون ][ معجم القراءات القرآنية ج3/152 ] ( نرتع ونلعب ) قال القتبي : نرتع أي نأكل ؛ يقال رتعت الإبل إذا رعت ، وارتعتها إذا تركتها ترعى . ويقرأ نرتعِ بكسر العين والمراد منه أن نتحارس ويرعى بعضنا بعضا ، أي نحفظه ، ومنه يقال : رعاك الله أي حفظك الله ، وقالوا ( ويلعب ) فيما يحل ويسع من نحو الاستباق وغيره ، وهو ما ذكروا ( إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا )[ الآية : 17 ] واللعب في مثل هذا يحل .

وقد روي أيضا في الخبر أيضا أنه قال : «لا يحل اللعب إلا في ثلاث : معالجة الرجل فرسه ، أو قوسه وملاعبة الرجل امرأته »[ بنحوه الترمذي1637 ] أخبر أنه لا يحل إلا ثلاث .