السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

{ أرسله معنا غداً } ، أي : إلى الصحراء { نرتع } ، أي : نتسع في أكل الفواكه ونحوها وأصل الرتع أكل البهائم في الخصب في زمن الربيع ويستعار للإنسان إذا أريد به الأكل الكثير { ونلعب } روي أنه قيل لأبي عمرو : كيف يقولون نلعب وهم أنبياء ؟ فقال : لم يكونوا يومئذ أنبياء ، وأيضاً جاز أن يكون المراد باللعب الإقدام على المباحات لأجل انشراح الصدر كما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لجابر : «فهلا بكراً تلاعبها ، وتلاعبك » وأيضاً كان لعبهم الاستباق والانتضال والغرض منه المحاربة والمقاتلة مع الكفار ، والدليل عليه قولهم { إنا ذهبنا نستبق } وإنما سموه لعبا لأنه في صورته .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون فيهما ، والباقون بالياء ، وسكن العين أبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ، وكسرها الباقون في الوصل ، ولقنبل وجه آخر وهو أنه يثبت الياء في نرتع بعد العين وقفاً ووصلاً { وإنا له لحافظون } ، أي : بليغون في الحفظ له حتى نردّه إليك سالماً . قال أبو حيان : وانتصب { غداً } على الظرف وهو ظرف مستقبل يطلق على اليوم الذي يلي يومك وعلى الزمن المستقبل من غير تقييد ، وأصل غداً غدو فحذفت الواو انتهى .