فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (12)

{ أرسله معنا غدا } أي في غد إلى الصحراء التي أرادوا الخروج إليها وغدا ظرف والأصل عند سيبويه غدوة وقال النضر ابن شميل ما بين الفجر وطلوع الشمس يقال له غدوة وكذا يقال له بكرة والغد اليوم الذي بعد يومك الذي أنت فيه { يرتع } هذا جواب الأمر قرئ بالنون وإسكان العين وبها وكسر العين إسناد للكل والأولى مأخوذ من قول العرب رتع الإنسان أو البعير إذا أكل كيف شاء .

والمعنى يتسع في الخصب ، وكل مخصب راتع والرتع التمتع في أكل الفواكه ونحوها والثانية مأخوذة من رعي الغنم وقرئ بالتحية فيهما ورفع يلعب على الاستئناف والضمير ليوسف وقال القتيبي : معنى نرتع نتحارس ونتحافظ ويرعى بعضنا بعضا من قولهم رعاك الله أي حفظك .

{ ويلعب } من اللعب قيل لأبي عمرو ابن العلاء : كيف قالوا نلعب وهم أنبياء فقال : لم يكونوا يومئذ أنبياء وقيل المراد به اللعب المباح وهو مجرد الانبساط لانشراح الصدر وقيل هو اللعب الذي يتعلمون به الحرب ويتقوون به عليه ، وكان اللعب بالاستباق والانتضال تمرينا لقتال الأعداء كما في قولهم إنا ذهبنا نستبق لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق ، وسماه لعبا لشبهه به ، ولذلك لم ينكر عليهم يعقوب لما قالوا ونلعب ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لجابر : ( فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ) {[963]} وقال ابن عباس : نرتع ونلعب نسعى وننشط ونلهو { و } الحال { إنا لحافظون } من أن يناله مكروه .


[963]:مسلم 715 البخاري 292