المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

50- فانظر نظر تفكر وتدبر إلى آثار المطر ، كيف يحيى الله الأرض بالنبات بعد أن كانت هامدة كالميت ، إن الذي قَدِر على إحياء الأرض بعد موتها لقادر على إحياء الموتى من الناس ، وهو تام القدرة لا يعجزه شيء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

قوله تعالى : { فانظر إلى آثار رحمة الله } هكذا قرأ أهل الحجاز ، والبصرة ، وأبو بكر . وقرأ الآخرون : { إلى آثار رحمة الله } على الجمع ، أراد برحمة الله : المطر ، أي : انظر إلى حسن تأثيره في الأرض ، قال مقاتل : أثر رحمة الله أي : نعمته وهو النبت ، { كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى } يعني : أن ذلك الذي يحيي الأرض لمحيي الموتى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

{ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ }يعني : المطر { كَيْفَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } .

ثم نبه بذلك على إحياء الأجساد بعد موتها وتفرقها وتمزقها ، فقال : { إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى } أي : إن الذي فعل ذلك لقادر على إحياء الأموات ، { إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

رتب على ما تقرر من استحضار صورة تكوين أسباب المطر واستبشار الناس بنزوله بعد الإبلاس ، أن اعتُرض بذكر الأمر بالنظر إلى أثر الرحمة وإغاثة الله عباده حين يحيي لهم الأرض بعد موتها بالجفاف . والأمر بالنظر للاعتبار والاستدلال . والنظر : رؤية العين . وعبر عن الجفاف بالموت لأن قوام الحياة الرطوبة ، وعبر عن ضده بالإحياء . والخطاب ب { انظر } لغير معين ليعم كل من يتأتى منه النظر مثل قوله { فترى الودق } [ الروم : 48 ] .

و { رحمة الله } : هي صفته التي تتعلق بإمداد مخلوقاته ذوات الإدراك بما يلائمها ويدفع عنها ما يؤلمها وذلك هو الإنعام .

وأثر الشيء : ما ينشأ عنه مما يدل عليه . فرحمة الله دلت عليها الآثار الدالة على وجوده وتصرفه بما فيه رحمة للخلق . وكيف } بَدل من { أثر } أو مفعول ل { انْظُرْ } أي : انظر هيئة إحياء الله الأرض بعد موتها ، تلك الحالة التي هي أثر من آثار رحمته الناس على حدّ قوله { أفلا ينظرون إلى الإبل كيفَ خُلِقت } [ الغاشية : 17 ] إذ جعلوا { كيف } بدلاً من الإبل بدل اشتمال وإن أباه ابن هشام في « مغني اللبيب » . وقد مضى عند قوله { ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظلّ } في سورة الفرقان ( 45 ) ، وتقدم آنفاً في قوله { فيبسطه في السماء كيف يشاء } [ الروم : 48 ] .

وأطلق على إنبات الأرض إحياء وعلى قحولتها الموتُ على سبيل الاستعارة .

وجملة { إن ذلك لمحيي الموتى } استئناف وهو إدماج ؛ أدمج دليل البعث عقب الاعتبار بإحياء الأرض بعد موتها . وحرف التوكيد يفيد مع تقرير الخبر زيادة معنى فاء التسبب كقول بشار :

بَكِّرَا صاحِبَيَّ قبل الهجير *** إن ذاك النجاح في التبكير

إذ التقدير : فالنجاح في التبكير ، كما تقرر غير مرة . واسم الإشارة عائد إلى اسم الله تعالى بما أُجري عليه من الإخبار بإحياء الأرض بعد موتها ليفيد اسم الإشارة معنى أنه جدير بما يرد بعده من الخبر عن المشار إليه . فالمعنى : أن الله الذي يحيي الأرض بعد موتها لمحيي الموتى ، تقريباً لتصور البعث . وعدل عن الموصول إلى الإشارة للإيجاز ، ولما في الإشارة من التعظيم . وذُيل ذلك بقوله { وهو على كل شيء قدير } فإنه يعم جميع الأشياء والبعثُ من جملتها إذ ليس هو إلا إيجادَ خَلق وهو مقدور لله تعالى كما أنشأ الخلق أول مرة . والشبه تام ، لأن إحياء الأرض إيجاد أمثال ما كان عليها من النبات فكذلك إحياء الموتى إيجاد أمثالهم . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم { إلى أثَر } بالإفراد . وقرأه الباقون { إلى ءَاثار } بصيغة الجمع .