فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

{ فانظر إلى أَثَرِ رَحْمَتَ الله } الناشئة عن إنزال المطر من النبات والثمار والزرائع التي بها يكون الخصب ورخاء العيش ، أي انظر نظر اعتبار واستبصار لتستدلّ بذلك على توحيد الله ، وتفرده بهذا الصنع العجيب . قرأ الجمهور { أثر } بالتوحيد . وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي : " آثار " بالجمع { كَيْفَ يُحْييِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } فاعل الإحياء ضمير يعود إلى الله سبحانه ، وقيل : ضمير يعود إلى الأثر ، وهذه الجملة في محل نصب بانظر ، أي انظر إلى كيفية هذا الإحياء البديع للأرض . وقرأ الجحدري وأبو حيوة : " تحيي " بالفوقية على أن فاعله ضمير يعود إلى الرحمة ، أو إلى الآثار على قراءة من قرأ بالجمع ، والإشارة بقوله : { إِنَّ ذلك } إلى الله سبحانه ، أي إن الله العظيم الشأن المخترع لهذه الأشياء المذكورة { لَمُحْييِ الموتى } أي لقادر على إحيائهم في الآخرة ، وبعثهم ، ومجازاتهم كما أحيا الأرض الميتة بالمطر { وَهُوَ على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } أي عظيم القدرة كثيرها .

/خ60