اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

قوله : { فانظر إلى آثَارِ }{[42212]} قرأ ابنُ عامر والأخوانِ وحَفْصٌ بالجمع والباقون بالإفراد : ( وَسلاَّمٌ ){[42213]} بكسر الهمزة ، وسكون الثاء وهي لغة فيه . وقرأ العامة «كَيْفَ يُحْيِي » بياء الغيبة ، أي أثر الرحمة فيمن قرأ بالإفراد ، ومن قرأ بالجمع فالفعل مسند لله تعالى وهو يحتمل في الإِفْرَادِ والجَحْدَرِيُّ وأَبو حَيْوَة{[42214]} وابْنُ السَّمَيْقع{[42215]} «تُحْيِي » بتاء{[42216]} التأنيث وفيها تخريجان أظهرهما : أن الفاعل عائد على الرحمة . والثاني : قاله أبو الفضل{[42217]} عائد على «أَثَرِ » وأنت «أثر »{[42218]} لاكتسابه بالإضافة التأنيث كنظائر ( له ){[42219]} تقدمت ، وَرُدَّ عليه بأن شرط ذلك كون المضاف ( بمعنى المضاف{[42220]} ) إليه أو من سببه لا أجنبياً{[42221]} ، وهذا أجنبي و «كَيْفَ يُحْيِي » معلق «لأنْظُرْ » وهو في محل{[42222]} نصب على إسقاط الخافض . وقال أبو الفتح{[42223]} : الجملة من «كَيْفَ يُحْيي » في موضع نصب على الحال حملاً على المعنى انتهى{[42224]} . وكيف تقع جملة الطلب{[42225]} حالاً ؟ وأراد برحمة الله هنا المطر أي انْظُرْ إلى حسن تأثيره في الأرض كيف يحيي الأرض بعد موتها ؟ ! .

قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الموتى } أي إن ذَلك الذي يُحيِي الأرض لمُحْيِي الموتى ، فأَتَى باللام المؤكدة لاسم الفاعل .


[42212]:السبعة 508 ومعاني الفراء 2/326 والكشف 2/185 والإتحاف 348 و 349.
[42213]:سقطت من "ب" وهو: سلام بن سليمان الطويل أبو المنذر المزني مولاهم البصري ثقة جليل ومقرىء كبير، أخذ عن عاصم وأبي عمرو، والجحدريّ وعنه الحضرميّ، وهارون بن موسى، مات سنة 171 هـ. انظر: طبقات القراء 1/309.
[42214]:في "ب" أبو حيان وهو تحريف وقد تقدمت ترجمة أبي حيوة.
[42215]:ابن السميقع: محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله اليماني له اختيار في القراءة ينسب إليه شذ فيه قرأ على أبي حيوة وطاوس عن ابن عباس وهو أحد رجال نافع قرأ عليهم وأخذ عنهم. انظر: غاية النهاية 2/162.
[42216]:انظر: المحتسب لابن جني 2/165. وهي من الشواذ غير المتواترة والبحر7/179 الذي أورد قراءة جديدة إلى زيد بن علي "نحيي" بنون التعظيم.
[42217]:أبو الفضل هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بندار أبو الفضل الرازي العجلي الإمام المقرىء شيخ الإسلام الثقة الورع الكامل مؤلف كتاب جامع الوقوف وغيره قرأ على أبي داود الداراني وأبي الحسن الحمّادي وغيرهما وروى عنه القراءات محمد بن إبراهيم المزكي ومنصور بن محمد شيخ أبي العلاء مات سنة 735 هـ انظر: طبقات القراء 1/363.
[42218]:البحر 7/179.
[42219]:سقطت من "ب".
[42220]:ساقط من "ب".
[42221]:البحر 7/179.
[42222]:الدر المصون للسمين 4/334.
[42223]:أبو الفتح: عثمان بن جني كان من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بعلم النحو والتصريف صنف في النحو والتصريف كتباً أبدع فيها كالخصائص والمنصف، وسر الصناعة وغيرها مات سنة 392 هـ، نزهة الألباء 220-222.
[42224]:المحتسب له 2/165 مع تصرف بسيط في العبارة.
[42225]:أي أن شرط وقوع الخبر والحال جملة أن تكون تلك الجملة خبرية إلا أن الطلب إذا قصد معناه على الخبرية جاز وكلام أبي الفتح على ذلك جائز والمراد: محيياً أو محيية فالمراد أنه واقع في الحال، والحال خبر.