تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

الآية 50 قوله تعالى : { فانظر إلى آثار رحمة الله } يحتمل أن يكون قوله : { إلى آثار رحمة الله } أي المطر ؛ أراد بالرحمة المطر ، سمي المطر رحمة لأنه يكون برحمته ، أو أن تكون الآثار ، هي( {[16117]} ) المطر نفسه ، جعله من آثار رحمته وأعلامه .

ثم الأمر بالنظر والاعتبار بآثار رحمته يحتمل وجوها :

أحدها : أمرهم بالنظر إلى ذلك ليعلموا أنه رحيم كي يرغبوا في ما رغبهم ، ويرجوا في ما أطمعهم ، ودعاهم إليه ، إذ قد ظهرت آثار رحمته ، فكل رحيم يرغب في ما رغب ، وأطمع .

[ والثاني ]( {[16118]} ) أن يكون الأمر بالنظر إلى آثار رحمته لأن( {[16119]} ) ذلك راجع إلى منافع أبدانهم وأنفسهم وما به قوامهم ليستأدي بذلك شكره . وفي ذلك تقع الحاجة إلى من يعرفهم تلك النعم ، ويعرفهم شكرها ، فيكون في ذلك الترغيب في قبول الرسالة [ وإثبات نبوة رسوله ]( {[16120]} ) .

[ والثالث ]( {[16121]} ) : أن يكون سمي المطر رحمته لما يرجع ذلك إلى منافع أبدانهم وما به قوام أنفسهم ليعرفوا الرحمة ، هي راجعة إلى منافع دينهم وآخرتهم ، وهي( {[16122]} ) رسول الله ، إذ سماه في غير موضع رحمة بقوله : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 } .

[ والرابع ]( {[16123]} ) : أن يأمر بالنظر إلى ذلك المطر ليري( {[16124]} ) كيف يحيي هذه الأرضين الموات ، وينبت فيها من ألوان النبات ؟ وهذه الأشجار اليابسة كيف تخضرُّ بعد يبوستها بهذه الأمطار ؟ ليعرفوا إن من ملك هذا ، وقدر على ذلك ، وهو خارج عن وسعهم وتقديرهم لقادر على /415-أ/ إحياء الموتى وبعثهم بعد الممات ، وإن كان خارجا عن تقديرهم ووسعهم { وهو على كل شيء قدير } لا يعجزه شيء .


[16117]:في الأصل وم: هو.
[16118]:في الأصل وم: أو.
[16119]:في الأصل وم: إذ.
[16120]:في الأصل وم: وإثباته.
[16121]:في الأصل وم: أو.
[16122]:في الأصل وم: وهو.
[16123]:في الأصل وم: أو.
[16124]:في الأصل وم: وأنه.