نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ ءَاثَٰرِ رَحۡمَتِ ٱللَّهِ كَيۡفَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (50)

ولما انكشف بذلك الغطاء ، وزاحت الشبه ، أعرض سبحانه عنهم على تقدير أن يكون " ترى " لمن فيه أهلية الرؤية{[53388]} إيذاناً بأنه{[53389]} لا فهم {[53390]}لهم ملتفتاً{[53391]} إلى خلاصة الخلق الصالح للتلقي عنه{[53392]} قائلاً مسبباً عن ذلك : { فانظر } ولما كان المراد تعظيم{[53393]} النعمة ، وأن الرزق أكثر من الخلق ، عبر بحرف الغاية{[53394]} إشارة{[53395]} إلى تأمل{[53396]} الأقصى بعد تأمل الأدنى فقال : { إلى آثار } ولما لم يكن لذلك سبب{[53397]} سوى سبق رحمته لغضبه قال : { رحمت الله } الجامع لمجامع العظمة ، وأظهر ولم يضمر تنبيهاً على ما في ذلك من{[53398]} تناهي العظمة في تنوع الزروع بعد سقيا{[53399]} الأرض واهتزازها بالنبات واخضرار الأشجار واختلاف الثمار{[53400]} ، وتكون الكل من ذلك الماء .

ولما كان هذا من الخوارق العظيمة ، ولكنه قد تكرر حتى صار مألوفاً ، نبه على عظمته بأنه أهل لأن يسأل عنه فقال : { كيف يحيي } أي هذا الأثر أو الله مرة بعد أخرى { الأرض } بإخراج ما ذكر منها .

ولما كانت قدرته على تجديد إحيائها دائمة - على ما أشار إليه المضارع {[53401]}ودعا إليه مقصود السورة{[53402]} ، أشار إلى ذلك أيضاً{[53403]} بترك الجار فقال : { بعد موتها } بانعدام ذلك .

ولما كان هذا دالاً على القدرة على إعادة الموتى ولا بد لأنه مثله سواء ، فإن جميع ما لا ينبته الآدميون يتفرق في الأرض بعد كونه هشيماً تذروه الرياح ، ويتفتت بحيث يصير تراباً ، فإذا نزل عليه الماء عاد كما كان أو أحسن قال : { إن ذلك } أي العظيم الشأن الذي قدر على هذا { لمحيي الموتى } كلها من الحيوانات والنباتات ، أي ما زال قادراً{[53404]} على ذلك{[53405]} ثابتاً له{[53406]} هذا الوصف ولا يزال { وهو } مع ذلك { على كل شيء } من ذلك وغيره { قدير* } لأن نسبة القدرة منه سبحانه إلى كل ممكن على حد سواء .


[53388]:في ظ: الرؤيا.
[53389]:في ظ ومد: بأنهم.
[53390]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له متلفتا.
[53391]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له متلفتا.
[53392]:زيد من ظ وم ومد.
[53393]:من ظ ومد، وفي الأصل: بعظم، وفي م: بعظيم.
[53394]:زيد من ظ وم ومد.
[53395]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أشار.
[53396]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بأهل ـ كذا.
[53397]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أثر.
[53398]:سقط من ظ.
[53399]:في ظ وم ومد: شقها.
[53400]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: النهار.
[53401]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53402]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53403]:سقط من ظ ومد.
[53404]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: قاصرا.
[53405]:زيد في الأصل: بقوله، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[53406]:زيد في ظ ومد: على.