المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

34- وأنشأنا فيها حدائق وبساتين من نخيل وأعناب ، وشققنا فيها من عيون الماء ما يروى شجرها ويخرج ثمرها ليأكلوا منه ، وما هو من صنع أيديهم ، أفلا يؤدون حق الله عليهم في ذلك بالإيمان والثناء عليه ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

قوله تعالى : { من العيون ليأكلوا من ثمره } أي : من الثمر الحاصل بالماء ، { وما عملته } قرأ حمزة ، و الكسائي ، و أبو بكر :{ عملت }بغير هاء ، وقرأ الآخرون :{ عملته } بالهاء ، أي : يأكلون من الذي عملته ، { أيديهم } من الزرع والغرس ، والهاء عائدة إلى { ما }التي بمعنى الذي . وقيل : { ما } للنفي في قوله{ ما عملته أيديهم } أي : وجدوها معمولة ولم تعملها أيديهم ، ولا صنع لهم فيها ، وهذا معنى قول الضحاك و مقاتل . وقيل : أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل دجلة والفرات والنيل ونحوها . { أفلا يشكرون } نعمة الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

وقوله : { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } أي : وما ذاك كله إلا من رحمة الله بهم ، لا بسعيهم ولا كدهم ، ولا بحولهم وقوتهم . قاله ابن عباس وقتادة ؛ ولهذا قال : { أَفَلا يَشْكُرُونَ } ؟ أي : فهلا يشكرونه على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى ؟ واختار ابن جرير - بل جزم به ، ولم يحك غيره إلا احتمالا - أن { ما } في قوله : { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } بمعنى : الذي ، تقديره : ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم ، أي : غرسوه ونصبوه ، قال : وهي كذلك في قراءة ابن مسعود { لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

والثَّمَر بفتحتين وبضمتين : ما يغلّه النخل والأعناب من أصناف الثمر وأصناف العنب والثمرة بمنزلة الحبّ للسنبل . وقرأ الجمهور : { ثَمَرِهِ } بفتحتين . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بضمتين . والنخيل : اسم جمع نخل .

والأعناب جمع عنب ، وهو يطلق على شجرة الكرم وعلى ثمرها . وجمع النخيل والأعناب باعتبار تعدد أصناف شجره المثمر أصنافاً من ثمره .

ضمير { مِن ثَمَرِهِ } عائد إلى المذكور ، أي من ثمر ما ذكرنا ، كقول رُؤبة :

فيها خطوط من سواد وبلق *** كأنه في الجلد توليع البهق

فقيل له : هلا قلت : كأنها ؟ فقال : أردت كأن ذلك ويْلَك . وتقدم عند قوله تعالى : { عوان بين ذلك } في سورة البقرة } ( 68 ) .

ويجوز أن يعود الضمير على النخيل وتترك الأعناب للعلم بأنها مثل النخيل . كقول الأزرق بن طرفة بن العمود القراطي{[341]} الباهلي :

رماني بذنب كنتُ منه ووالدي *** بريئاً ومن أجْل الطويِّ رّماني{[342]}

فلم يقل : بريئين ، للعلم بأن والده مثله .

ويجوز أن تكون { ما } في قوله : { وما عَمِلَتْهُ أيدِيهم } موصولة معطوفة على { ثَمَرهِ ، } أي ليأكلوا من ثمر ما أخرجناه ومن ثمر ما عملته أيديهم ، فيكون إدماجاً للإِرشاد إلى إقامة الجنات بالخدمة والسقي والتعهد ليكون ذلك أوفر لأغلالها . وضمير { عَمِلَتْهُ } على هذا عائد إلى اسم الموصول . ويجوز أن يكون { ما } نافية والضمير عائد إلى ما ذكر من الحب والنخيل والأعناب . والمعنى : أن ذلك لم يخلقوه . وهذا أوفر في الامتنان وأنسب بسياق الآية مساق الاستدلال . وقرأ الجمهور : { وما عَمِلَتْهُ } بإثبات هاء الضمير عائداً إلى المذكور من الحب والنخيل والأعناب . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف { وما عملت } بدون هاء ، وكذلك هو مرسوم في المصحف الكوفي وهو جار على حذف المفعول إن كان معلوماً . ويجوز أن يكون من حذف المفعول لإرادة العموم . والتقدير : وما عملت أيديهم شيئاً من ذلك . وكلا الحذفين شائع .

وفرع عليه استفهام الإنكار لعدم شكرهم بأن اتخذوا للذي أوجد هذا الصنع العجيب أنداداً . وجيء بالمضارع مبالغة في إنكار كفرهم بأن الله حقيق بأن يكرروا شكره فكيف يستمرون على الإِشراك به .


[341]:- كذا في نسخة تفسير ابن عطية، ولم أقف على معنى هذه النسبة.
[342]:- نازعه ناس من قشير في بئر لدى الحاكم فقال القشيري للأزرق: هو لص ابن لص ليغرى به الحاكم، ونسب بعضهم هذا البيت للفرزدق، ولا يصح.