السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

ولما كانت حياة كل شيء إنما هي بالماء أشار إلى ذلك بقوله تعالى : { ليأكلوا من ثمره } أي : ثمر ما ذكر وهو الجنات ، وقيل : الضمير يعود على الأعناب ؛ لأنها أقرب مذكور وكان من حق الضمير أن يثنى لتقديم شيئين وهما الأعناب والنخيل إلا أنه اكتفى بذكر أحدهما ، وقيل : الضمير لله على طريق الالتفات من التكلم إلى الغيبة ، وقرأ حمزة والكسائي برفع الثاء والميم وهي لغة فيه أو جمع ثمار ، والباقون بفتحهما .

وقوله تعالى : { وما عملته أيديهم } عطف على الثمر والمراد : ما يتخذ منه كالعصير والدبس { ما }موصولة ومن الذي عملته أيديهم ويؤيد هذا قراءة حمزة والكسائي وشعبة بحذف الهاء من عملته ، { وما }نافية على قراءة الباقين بإثباتها أي : وجدوها معمولة ولم تعملها أيديهم ولا صنع لهم فيها ، وقيل : أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد مخلوق مثل دجلة والفرات والنيل .

ثم لما عدد النعم أشار إلى الشكر بقوله تعالى : { أفلا يشكرون } أي : اشكروا فهو أمر بصيغة الاستفهام أي : ادأبوا دائماً في إيقاع الشكر والدوام على تجديده في كل حين بسبب هذه النعم .