المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

وقرأ جمهور الناس : { من ثَمَره } بفتح الثاء والميم ، وقرأ طلحة وابن وثاب وحمزة والكسائي :«من ثُمُرة » بضمهما ، وقرأ الأعمش : «من ثُمْره » بضم الثاء وسكون الميم ، والضمير في { ثمره } قالت فرقة : هو عائد على الماء الذي يتضمنه قوله :{ وفجرنا فيها من العيون } ؛ لأن التقدير ماء ، وقالت فرقة : هو عائد على جميع ما تقدم مجملاً ، كأنه قال : من ثمر ما ذكرنا ، وقال أبو عبيدة : هو من باب أن يذكر الإنسان شيئين أو ثلاثة ثم يعيد الضمير على واحد ويكني عنه ، كما قال الشاعر ، وهو الأزرق بن طرفة بن العمرد الفارصي الباهلي : [ الطويل ]

رماني بذنب كنت منه ووالدي . . . بريئاً ومن أجل الطويّ رماني{[1]}

قال القاضي أبو محمد : وهذا وجه في الآية ضعيف ، و { ما } في قوله تعالى : { وما عملته أيديهم } قال الطبري : هي اسم معطوف على الثمر أي : يقع الأكل من الثمر ومما عملته الأيدي بالغرس والزراعة ونحوه ، وقالت فرقة : هي مصدرية وقيل هي نافية ، والتقدير : أنهم يأكلون من ثمره وهي شيء لم تعمله أيديهم بل هي نعمة من الله عليهم ، وقرأ جمهور الناس : «عملته » بالهاء الضمير ، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر وطلحة وعيسى «عملت » بغير ضمير .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟