البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِيَأۡكُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦ وَمَا عَمِلَتۡهُ أَيۡدِيهِمۡۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (35)

والمعنى : ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر ، ومما عملته أيديهم من الغرس والسقي والآبار وغير ذلك من الأعمال إلى أن بلغ الثمر منتهاه ، وبأن أكله يعني أن الثمر في نفسه فعل الله وخلقه ، وفيه آثار من كد بني آدم .

ويجوز أن تكون ما نافية ، على أن الثمر خلق الله ، ولم تعمله أيديه الناس ، ولا يقدرون على خلقه .

وقرأ الجمهور : { ما عملته } بالضمير ، فإن كانت ما موصولة فالضمير عائد عليها ، وإن كانت نافية فالضمير عائد على الثمر .

وقرأ طلحة ، وعيسى ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : بغير ضمير مفعول عملت على التقريرين محذوفة ، وجوز في هذه القراءة أن تكون ما مصدرية ، أي وعمل أيديهم ، وهو مصدر أريد به المعمول ، فيعود إلى معنى الموصول .

ولما عدد تعالى هذه النعم ، حض على الشكر فقال ؛ { أفلا يشكرون } ،