القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ أَنّ دَابِرَ هَؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مّصْبِحِينَ * وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وفرغنا إلى لوط من ذلك الأمر ، وأوحينا أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين يقول : إن آخر قومك وأوّلهم مجذوذ مستأصل صباح ليلتهم . «وأنّ » من قوله : أنّ دابرَ في موضع نصب ردّا على الأمر بوقوع القضاء عليها . وقد يجوز أن تكون في موضع نصب بفقد الخافض ، ويكون معناه : وقضينا إليه ذلك الأمر بأن دابر هؤلاء مقطوع مُصبحين . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله : «وقلنا إن دابر هؤلاء مقطوع مُصبحين » . وعُنِي بقوله : مُصْبِحِينَ إذا أصبحوا ، أو حين يصبحون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، قوله : أنّ دَابِرَ هَولاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ يعني : استئصال هلاكهم مصبحين .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقَضَيْنا إلَيْهِ ذلكَ الأمْرَ قال : أوحينا إليه .
{ وقضينا إليه } أي وأوحينا إليه مقضيا ، ولذلك عدي بإلى . { ذلك الأمر } مبهم يفسره . { أن دابر هؤلاء مقطوع } ومحله النصب على البدل منه وفي ذلك تفخيم للأمر وتعظيم له . وقرئ بالكسر على الاستئناف والمعنى : أنهم يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد . { مصبحين } داخلين في الصبح وهو حال من هؤلاء ، أو من الضمير في مقطوع وجمعه للحمل على المعنى . ف { إن دابر هؤلاء } في معنى مدبري هؤلاء .
المعنى { وقضينا ذلك الأمر } أي أمضيناه وختمنا به ، ثم أدخل في الكلام { إليه } من حيث أوحى ذلك إليه وأعلمه الله به فجلب هذا المعنى بإيجاز وحذف ما يدل الظاهر عليه و { أن } في موضع نصب ، قال الأخفش : هي بدل من { ذلك } ، وقال الفراء : بل التقدير «بأن دابر » فحذف حرف الجر{[7202]} ، والأول أصوب ، و «الدابر » الذي يأتي آخر القوم أي في أدبارهم ، وإذا قطع ذلك وأتى عليه فقد أتى العذاب من أولهم إلى آخرهم ، وهذه ألفاظ دالة على الاستئصال والهلاك التام ، يقال قطع الله دابره واستأصل شأفته وأسكت نأمته بمعنى .
وقرأ الأعمش «إن دابر » بكسر الهمزة وروي أن في قراءة عبد الله «وقضينا إليه ذلك الأمر وقلنا إن دابر هؤلاء مقطوع » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.