البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

ولما ضمّن قضينا معنى أوحينا ، تعدت تعديها بإلى أي : وأوحينا إلى لوط مقضياً مبتوتاً ، والإشارة بذلك إلى ما وعده تعالى من إهلاك قومه .

وأنّ دابر تفخيم للأمر وتعظيم له ، وهو في موضع نصب على البدل من ذلك قاله الأخفش ، أو على إسقاط الباء أي بأنّ دابراً قاله الفراء ، وجوزه الحوفي .

وأنّ دابر هؤلاء مقطوع كناية عن الاستئصال .

وتقدم تفسير مثله في قوله : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } ومصبحين داخلين في الصباح ، وهو حال من الضمير المستكن في مقطوع على المعنى ، ولذلك جمعه وقدره الفراء وأبو عبيد : إذا كانوا مصبحين ، كما تقول : أنت راكباً أحسن منك ماشياً ، فإن كان تفسير معنى فصحيح ، وإن أراد الإعراب فلا ضرورة تدعو إلى هذا التقدير .

وقرأ الأعمش وزيد بن علي : إن دابر بكسر الهمزة لما ضمن قضينا معنى أوحينا ، فكان المعنى : أعلمنا ، علق الفعل فكسر إنْ أو لما كان القضاء بمعنى الإيحاء معناه القول كسر إن ، ويؤيده قراءة عبد الله .

وقلنا : إنّ دابر وهي قراءة تفسير لا قرآن ، لمخالفتها السواد .

والمدينة : سدوم ، وهي التي ضرب بقاضيها المثل في الجور .