اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

قوله : { وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ } ضمَّن القضاء معنى الإيحاء ؛ فلذلك تعدَّى تعديته ب " إلى " ، ومثله { وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الإسراء : 4 ] .

و " ذَلكَ الأمْرَ " " ذَلِكَ " مفعول القضاءِ ، والإشارة به إلى ما وعد من إهلاكِ قومه ، و " الأمْرَ " إمَّا بدلٌ منه ، أو عطف بيانٍ له .

قوله : { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ } العامة على فتح " أنَّ " وفيها أوجه :

أحدها : أنها بدل من " ذَلِكَ " إذا قلنا : " الأمْرَ " عطف بيان .

الثاني : أنَّها بدلٌ من " الأمْرَ " سواء قلنا : إنه بيان أو بدل مما قبله .

الثالث : أنه على حذف الجار ، أي : بأنَّ دابر ، ففيه الخلاف المشهور .

وقرأ زيد بن{[19590]} علي ، والأعمش بكسرها ؛ لأنه بمعنى القول .

وعلَّله أبو حيان : بأنه لمَّا علق ما هو بمعنى العلم ؛ كسر .

وفيه النظر المتقدم .

ويؤيِّد إضمار القول قراءة ابن مسعودٍ : وقلنا إنَّ دابر هؤلاء .

ودابرهم : آخرهم " مَقطوعٌ " مستأصل ، يعني مستأصلون عن آخرهم ؛ حتى لا يبقى منهم أحد " مُصْبحينَ " ، أي في حال ظهور الصبح ، فهو حال من الضمير المستتر في : " مَقطُوعٌ " ، وإنَّما جمع حملاً على المعنى ، وجعله الفرَّاء ، وأبو عبيدة خبراً لكان المضمرة ، قالا : تقديره : إذا كانوا مصبحين ، نحو " أنْتَ مَاشِياً أحسنُ مِنْكَ رَاكِباً " .

وهو تكلفٌ ، و " مُصْبحِينَ " داخلين في الصَّباحِ .


[19590]:ينظر: الكشاف 2/584، والبحر 5/449، والدر المصون 4/303.