الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

قوله تعالى : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ } ضَمَّن القضاءَ معنى الإِيحاء ، فلذلك تَعَدَّى تعديتَه ب " إلى " ، ومثلُه : { وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الإِسراء : 4 ] .

قوله : { ذَلِكَ الأَمْرَ } " ذلك " مفعولُ القضاء ، والإِشارةُ به إلى ما وَعَدَ من إهلاكِ قومِه ، و " الأمرَ " : إمَّا بدلٌ منه أو عطفُ بيانٍ له .

قوله : { أَنَّ دَابِرَ } العامَّةُ على فتحِ " أنَّ " وفيها أوجهٌ ، أحدُها : أنها بدلٌ مِنْ " ذلك " إذا قلنا : " الأمر " عطفُ بيان . الثاني : أنها بدل من " الأمر " سواء قلنا : إنها بيانٌ أو بدل ممَّا قبلَه . والثالث : أنه على حَذْفِ الجارِّ ، أي : بأنَّ دابِرَ ، ففيه الخلافُ المشهور .

وقرأ زيدُ بن علي بكسرِها ؛ لأنه بمعنى القولِ ، أو على إضمار القول . وعَلَّله الشيخُ بأنَّه لمَّا عَلَّق ما هو بمعنى العلم كُسِر . وفيه النظرُ المتقدم .

قوله : { مُّصْبِحِينَ } حالٌ من الضمير المستتر في " مقطوعٌ " وإنما جُمِع حَمْلاً على المعنى ، وجعله الفراء وأبو عبيد خبراً ل " كان " مضمرة ، قالا : " وتقديره : إذا كانوا مُصْبِحين نحو : " أنتَ ماشياً أحسنُ منك راكباً " . وهو تكلُّفٌ . و " مُصْبِحين " داخلين في الصَّباح فهي تامَّةٌ .