الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وقضينا إليه} يقول: وعهدنا إلى لوط، {ذلك الأمر}، يعني: أمر العذاب، {أن دابر}، يعني: أصل {هؤلاء} القوم {مقطوع مصبحين} يقول: إذا أصبحوا نزل بهم العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وفرغنا إلى لوط من ذلك الأمر، وأوحينا "أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين "يقول: إن آخر قومك وأوّلهم مجذوذ مستأصل صباح ليلتهم... وقضينا إليه ذلك الأمر بأن دابر هؤلاء مقطوع مُصبحين... وعُنِي بقوله: "مُصْبِحِينَ": إذا أصبحوا، أو حين يصبحون...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... {وقضينا إليه} أي أنهينا إليه وأعلمناه، وهو قول الكسائي والقتبي.

{ذلك الأمر} يحتمل قوله: {ذلك} هو ما ذكر: {أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} هذا الذي أوحى إليه، وأعلمه...

ويحتمل الوحي إلى لوط على البشارة {أن دابر} قومه {مقطوع مصبحين} أي مقطوع نسلهم، فيه إخبار عن قطع نسلهم، وفي الخبر عن قطع نسلهم إخبار عن هلاكهم.

{أن دابر هؤلاء}:

قال بعضهم: أصل هؤلاء.

وقال بعضهم: {أن دابر هؤلاء مقطوع} أي مستأصلون {مصبحين} ليس يريد به حين أصبحوا، أي حين بدء طلوع الفجر، ولكن أراد طلوع الشمس. ألا ترى أنه قال: {فأخذتهم الصيحة مشرقين} (الحجر: 73) وإشراق الشمس هو ارتفاعها وبسطها في الأرض. دل أنه ما ذكرنا، والله أعلم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{قَضَيْنَا} ب"إلى" لأنه ضمن معنى: أوحينا، كأنه قيل: وأوحينا إليه مقضياً مبتوتاً. وفسر {ذَلِكَ الأمر} بقوله {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ}، وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر وتعظيم له... ودابرهم: آخرهم، يعني: يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

المعنى {وقضينا إليه ذلك الأمر} أي أمضيناه وختمنا به...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما تقرر بهذا أمر إهلاكهم من غير تصريح ولا تعيين لوقت، قال تعالى: {وقضينا} أي بما لنا من العظمة، موحين {إليه} أي خاصة {ذلك الأمر} وأشار إلى تعظيمه بالإشارة إليه بأداة البعد، ثم فسره بقوله: {أن دابر} أي آخر {هؤلاء} أي الحقيرين عند قدرتنا، وأشار بصيغة المفعول إلى عظمته سبحانه وسهولة الأمر عنده فقال تعالى: {مقطوع} حال كونهم {مصبحين} ولا يقطع الدابر حتى يقطع ما دونه، لأن العدو يكون مستقبلاً لعدوه، فهو كناية عن الاستئصال بأن آخرهم وأولهم في الأخذ سواء، لأن الآخذ قادر، لا كما يفعل بعض الناس مع بعض من أنهم يملون في آخر الوقائع فيفوتهم البعض.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

...وإيثار اسم الإشارة على الضمير للدلالة على اتصافهم بصفاتهم القبيحةِ التي هي مدارُ ثبوت الحكم، أي دابرَ هؤلاء المجرمين، وإيرادُ صيغة المفعول بدلَ صيغة المضارع لكونها أدخلَ في الدلالة على الوقوعِ، وفي لفظ القضاءِ والتعبيرِ عن العذاب بالأمر والإشارةِ إليه بذلك وتأخيرِه عن الجار والمجرور وإبهامِه أولاً ثم تفسيره ثانياً، من الدلالة على فخامة الأمر وفظاعتِه ما لا يخفى.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{قضينا} قدرنا، وضمن معنى أوحينا فعدي ب "إلى". والتقدير: وقضينا ذلك الأمر فأوحينا إليه، أي إلى لوط عليه السلام، أي أوحينا إليه بما قضينا.

و {ذلك الأمر} إبهام للتهويل، والإشارة للتعظيم، أي الأمر العظيم.

و {أن دابر هؤلاء مقطوع} جملة مفسرة ل {ذلك الأمر} وهي المناسبة للفعل المضمن وهو (أوحينا). فصار التقدير: وقضينا الأمرَ وأوحينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع. فنُظم الكلام هذا النظم البديع الوافر المعنى بما في قوله: {ذلك الأمر} من الإبهام والتعظيم.

ومجيء جملة {دابر} مفسرة مع صلوحية {أنّ} لبيان كل من إبهام الإشارة ومن فعل (أوحينا) المقدر المضمن، فتم بذلك إيجاز بديع معجز.

والدابرُ: الآخر، أي آخر شخص.

وقطعه: إزالته. وهو كناية عن استئصالهم كلهم، كما تقدم عند قوله تعالى: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} في سورة الأنعام (45).

وإشارة {هؤلاء} إلى قومه.

و {مصبحين} داخلين في الصباح، أي في أول وقته، وهو حال من اسم الإشارة. ومبدأ الصباح وقت شروق الشمس ولذلك قال بعده {فأخذتهم الصيحة مشرقين} [سورة الحجر: 73].