المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

163- إن إلهكم الذي ينفرد بالعبودية واحد ، فلا إله غيره ، ولا سلطان لسواه ، ثم هو قد اتصف بالرحمة فهو رحيم بعباده في إنشائهم وتكوينهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

قوله تعالى : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } . سبب نزول هذه الآية أن كفار قريش قالوا يا محمد صف لنا ربك وانسبه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وسورة الإخلاص . والواحد الذي لا نظير له ولا شريك له .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا بكر بن إبراهيم و أبو عاصم عن عبد الله بن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) و( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) . قال أبو الضحى : لما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن محمداً يقول إن إلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين . فأنزل الله عز وجل : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

158

بعد هذا يمضي السياق في إقامة التصور الإيماني على قاعدته الكبيرة . قاعدة التوحيد . ويعرض من مشاهد الكون ما يشهد بهذه الحقيقة شهادة لا تقبل الجدل . ثم يندد بمن يتخذون من دون الله اندادا ؛ ويصور موقفهم المتخاذل يوم يرون العذاب ، فيتبرأ بعضهم من بعض ؛ فلا ينفعهم هذا التبرؤ ، ولا تفيدهم حسراتهم ولا تخرجهم من النار .

( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم . إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ، والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة ، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون . ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ، والذين آمنوا أشد حبا لله . ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا ، وأن الله شديد العذاب . إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب . وقال الذين اتبعوا : لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا ! كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ، وما هم بخارجين من النار ) . .

إن وحدة الألوهية هي القاعدة الكبيرة التي يقوم عليها التصور الإيماني . فلم يكن هناك جدل حول الاعتقاد بوجود إله - تختلف التصورات حول ذاته وحول صفاته وحول علاقاته بالخلق ولكنها لا تنفي وجوده - ولم يقع أن نسيت الفطرة هذه الحقيقة ، حقيقة وجود إله ، إلا في هذه الأيام الأخيرة حين نبتت نابتة منقطعة عن أصل الحياة ، منقطعة عن أصل الفطرة ، تنكر وجود الله . وهي نابتة شاذة لا جذور لها في أصل هذا الوجود ؛ ومن ثم فمصيرها حتما إلى الفناء والاندثار من هذا الوجود . هذا الوجود الذي لا يطيق تكوينه ، ولا تطيق فطرته بقاء هذا الصنف من الخلائق المقطوعة الجذور !

لذلك اتجه السياق القرآني دائما إلى الحديث عن وحدة الألوهية ، بوصفها التصحيح الضروري للتصور ، والقاعدة الأساسية لإقامة هذا التصور . . ثم لإقامة سائر القواعد الأخلاقية والنظم الاجتماعية ، المنبثقة من هذا التصور . . تصور وحدة الألوهية في هذا الوجود :

( وإلهكم إله واحد ) . . ( لا إله إلا هو ) . . ( الرحمن الرحيم ) . .

ومن وحدانية الألوهية التي يؤكدها هذا التأكيد ، بشتى أساليب التوكيد ، يتوحد المعبود الذي يتجه إليه الخلق بالعبودية والطاعة ؛ وتتوحد الجهة التي يتلقى منها الخلق قواعد الأخلاق والسلوك ؛ ويتوحد المصدر الذي يتلقى منه الخلق أصول الشرائع والقوانين ؛ ويتوحد المنهج الذي يصرف حياة الخلق في كل طريق .

وهنا والسياق يستهدف إعداد الأمة المسلمة لدورها العظيم في الأرض ، يعيد ذكر هذه الحقيقة التي تكرر ذكرها مرات ومرات في القرآن المكي ، والتي ظل القرآن يعمق جذورها ويمد في آفاقها حتى تشمل كل جوانب الحس والعقل ، وكل جوانب الحياة والوجود . . . يعيد ذكر هذه الحقيقة ليقيم على أساسها سائر التشريعات والتكاليف . . ثم يذكر من صفات الله هنا : ( الرحمن الرحيم ) . . فمن رحمته السابغة العميقة الدائمة تنبثق كل التشريعات والتكاليف .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ( 163 )

وقوله تعالى : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو } الآية ، إعلام بالوحدانية ، و { واحد } في صفة الله تعالى معناه نفي المثيل والنظير والند ، وقال أبو المعالي : هو نفي التبعيض والانقسام ، وقال عطاء : لما نزلت هذه الآية بالمدينة قال كفار قريش بمكة : ما الدليل على هذا ؟ وما آيته وعلامته ؟ وقال سعيد بن المسيب : قالوا : إن كان هذا يا محمد فائتنا بآية من عنده تكون علامة الصدق ، حتى قالوا : اجعل لنا الصفا ذهباً ، فقيل لهم : ذلك لكم ، ولكن إن كفرتم بعد ذلك عذبتم ، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : دعني أدعهم يوماً بيوم ، فنزل عند ذلك قوله تعالى : { إن في خلق السموات والأرض } ، الآية( {[1486]} ) ،


[1486]:- روى ذلك الحافظ أبو بكر بن مردويه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.