164- وقد أقام الله سبحانه وتعالى دلائل وآيات لكل ذي عقل على وجوده وألوهيته ، ومن ذلك السماوات التي ترونها تسير فيها الكواكب بانتظام دون تزاحم ولا صدام تبعث الحرارة والنور لهذا العالم ، والأرض وما فيها من البر والبحر ، وتعاقب الليل والنهار وما في ذلك من المنافع ، وما يجري في البحر من السفن تحمل الناس والمتاع ، ولا يسيِّرها إلا الله ، فهو الذي يرسل الرياح التي يسير بها المطر ينزل فيحيي الحيوان ويسقي الأرض والنبات ، والرياح وهبوبها في مهابها المختلفة ، والسحاب المعلق بين السماء والأرض ، فهل هذه الأشياء كلها بهذا الإتقان والإحكام من تلقاء نفسها أم هي صنع العليم القدير ؟ {[8]} .
قوله تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض } . ذكر السماوات بلفظ الجمع والأرض بلفظ الواحد لأن كل سماء من جنس آخر ، والأرضون كلها من جنس واحد وهو التراب ، فالآية في السماوات سمكها وارتفاعها من غير عمد ولا علاقة وما ترى فيها من الشمس والقمر والنجوم ، والآية في الأرض مدها وبسطها وسعتها وما ترى فيها من الأشجار ، والأنهار والجبال والبحار والجواهر والنبات .
قوله تعالى : { واختلاف الليل والنهار } . أي تعاقبهما في الذهاب والمجيء يخلف أحدهما صاحبه إذا ذهب أحدهما جاء الآخر خلفه أي بعده ، نظيره قوله تعالى : ( هو الذي جعل الليل والنهار خلفة ) قال عطاء : أراد اختلافهما في النور والظلمة والزيادة والنقصان . والليل جمع ليلة ، والليالي جمع الجمع . والنهار جمعه نهر وقدم الليل على النهار في الذكر لأنه أقدم منه قال الله تعالى ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) .
قوله تعالى : { والفلك التي تجري في البحر ) . يعني السفن واحده وجمعه سواء فإذا أريد به الجمع يؤنث وفي الواحد يذكر . قال الله تعالى : في الواحد والتذكير ( إذ أبق إلى الفلك المشحون ) وقال في الجمع والتأنيث ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) . ( والفلك التي تجري في البحر ) الآية في الفلك تسخيرها وجريانها على وجه الماء وهي موقرة لا ترسب تحت الماء .
قوله تعالى : { بما ينفع الناس } . يعني ركوبها والحمل عليها في التجارات والمكاسب وأنواع المطالب .
قوله تعالى : { وما أنزل الله من السماء من ماء } . يعني المطر ، قيل : أراد بالسماء السحاب ، يخلق الله الماء في السحاب ثم من السحاب ينزل ، وقيل أراد به السماء المعروفة يخلق الله تعالى الماء في السماء ثم ينزل من السماء إلى السحاب ثم من السحاب ينزل إلى الأرض .
قوله تعالى : { فأحيا به } . أي الماء .
قوله تعالى : { الأرض بعد موتها } . أي بعد يبوستها وجدوبتها .
قوله تعالى : { وبث فيها } . أي فرق فيها .
قوله تعالى : { من كل دابة وتصريف الرياح } . قرأ حمزة والكسائي الريح بغير ألف . وقرأ الباقون بالألف ، وكل ريح في القرآن ليس فيها ألف ولا لام اختلفوا في جمعها وتوحيدها إلا في الذاريات الريح العقيم اتفقوا على توحيدها وفي الحرف الأول من سورة الروم الرياح مبشرات اتفقوا على جمعها ، وقرأ أبو جعفر سائرها على الجمع ، والقراء مختلفون فيها ، والريح يذكر ويؤنث ، وتصريفها أنها تتصرف إلى الجنوب والشمال والقبول والدبور والنكباء . وقيل : تصريفها أنها تارة تكون ليناً ، وتارة تكون عاصفاً ، وتارة تكون حارة ، وتارة تكون باردة . قال ابن عباس : أعظم جنود الله الريح والماء ، وسميت الريح أريحاً لأنها تريح النفوس . قال شريح القاضي : ما هبت ريح إلا لشفاء سقيم ، ولسقم صحيح ، والبشارة في ثلاث من الرياح ، في الصبا والشمال والجنوب ، أما الدبور فهي الريح العقيم لا بشارة فيها ، وقيل الرياح ثمانية : أربعة للرحمة وأربعة للعذاب . فأما التي للرحمة المبشرات والناشرات والذاريات والمرسلات . وأما التي للعذاب فالعقيم والصرصر في البر والعاصف والقاصف في البحر .
قوله تعالى : { والسحاب المسخر } . أي الغيم المذلل ، سمي سحاباً لأنه ينسحب أي يسير في سرعة كأنه يسحب أي يجر .
قوله تعالى : { بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون } . فيعلمون أن لهذه الأشياء خالقاً وصانعاً . قال وهب بن منبه : ثلاثة لا يدرى من أين تجيء : الرعد والبرق والسحاب .
وهذا الكون كله شاهد بالوحدانية وبالرحمة في كل مجاليه :
( إن في خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة ، وتصريف الرياح ، والسحاب المسخر بين السماء والأرض . . لآيات لقوم يعقلون ) . .
وهذه الطريقة في تنبيه الحواس والمشاعر جديرة بأن تفتح العين والقلب على عجائب هذا الكون . العجائب التي تفقدنا الألفة جدتها وغرابتها وإيحاءاتها للقلب والحس ، وهي دعوة للإنسان أن يرتاد هذا الكون كالذي يراه أول مرة مفتوح العين ، متوفز الحس ، حي القلب . وكم في هذه المشاهد المكرورة من عجيب وكم فيها من غريب . وكم اختلجت العيون والقلوب وهي تطلع عليها أول مرة ؛ ثم الفتها ففقدت هزة المفاجأة ، ودهشة المباغتة ، وروعة النظرة الأولى إلى هذا المهرجان العجيب .
تلك السماوات والأرض . . هذه الأبعاد الهائلة والأجرام الضخمة والآفاق المسحورة ، والعوالم المجهولة . . هذا التناسق في مواقعها وجريانها في ذلك الفضاء الهائل الذي يدير الرؤوس . . هذه الأسرار التي توصوص للنفس وتلتف في رداء المجهول . . هذه السماوات والأرض حتى دون أن يعرف الإنسان شيئا عن حقيقة أبعادها وأحجامها وأسرارها التي يكشف الله للبشر عن بعضها حينما تنمو مداركهم وتسعفهم أبحاث العلوم . .
واختلاف الليل والنهار . . تعاقب النور والظلام . . توالي الإشراق والعتمة . ذلك الفجر وذلك الغروب . . كم اهتزت لها مشاعر ، وكم وجفت لها قلوب ، وكم كانت أعجوبة الأعاجيب . . ثم فقد الإنسان وهلتها وروعتها مع التكرار . إلا القلب المؤمن الذي تتجدد في حسه هذه المشاهد ؛ ويظل أبدا يذكر يد الله فيها فيتلقاها في كل مرة بروعة الخلق الجديد .
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس . . وأشهد ما أحسست ما في هذه اللفتة من عمق قدر ما أحسست ونقطة صغيرة في خضم المحيط تحملنا وتجري بنا ، والموج المتلاطم والزرقة المطلقة من حولنا . والفلك سابحة متناثرة هنا وهناك . ولا شيء إلا قدرة الله ، وإلا رعاية الله ، وإلا قانون الكون الذي جعله الله ، يحمل تلك النقطة الصغيرة على ثبج الأمواج وخضمها الرعيب !
وما أنزل الله من السماء من ماء ، فأحيا به الأرض بعد موتها ، وبث فيها من كل دابة ، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض . . وكلها مشاهد لو أعاد الإنسان تأملها - كما يوحي القرآن للقلب المؤمن - بعين مفتوحة وقلب واع ، لارتجف كيانه من عظمة القدرة ورحمتها . . تلك الحياة التي تنبعث من الأرض حينما يجودها الماء . . هذه الحياة المجهولة الكنه ، اللطيفة الجوهر ، التي تدب في لطف ، ثم تتبدى جاهرة معلنة قوية . . هذه الحياة من أين جاءت ؟ كانت كامنة في الحبة والنواة ! ولكن من أين جاءت إلى الحبة والنواة ؟ أصلها ؟ مصدرها الأول ؟ إنه لا يجدي الهرب من مواجهة هذا السؤال الذي يلح على الفطرة . . لقد حاول الملحدون تجاهل هذا السؤال الذي لا جواب عليه إلا وجود خالق قادر على إعطاء الحياة للموات . وحاولوا طويلا أن يوهموا الناس أنهم في طريقهم إلى إنشاء الحياة - بلا حاجة إلى إله ! - ثم أخيرا إذا هم في أرض الإلحاد الجاحد الكافر ينتهون إلى نفض أيديهم والإقرار بما يكرهون : استحالة خلق الحياة ! وأعلم علماء روسيا الكافرة في موضوع الحياة هو الذي يقول هذا الآن ! ومن قبل راغ دارون صاحب نظرية النشوء والارتقاء من مواجهة هذا السؤال !
ثم تلك الرياح المتحولة من وجهة إلى وجهة ، وذلك السحاب المحمول على هواء ، المسخر بين السماء والأرض ، الخاضع للناموس الذي أودعه الخالق هذا الوجود . . إنه لا يكفي أن تقول نظرية ما تقوله عن أسباب هبوب الريح ، وعن طريقة تكون السحاب . . إن السر الأعمق هو سر هذه الأسباب . . سر خلقة الكون بهذه الطبيعة وبهذه النسب وبهذه الأوضاع ، التي تسمح بنشأة الحياة ونموها وتوفير الأسباب الملائمة لها من رياح وسحاب ومطر وتربة . . سر هذه الموافقات التي يعد المعروف منها بالآلاف ، والتي لو اختلت واحدة منها ما نشأت الحياة أو ما سارت هذه السيرة . . سر التدبير الدقيق الذي يشي بالقصد والاختيار ، كما يشي بوحدة التصميم ورحمة التدبير . .
إن في ذلك( لآيات لقوم يعقلون ) . .
نعم لو ألقى الإنسان عن عقله بلادة الألفة والغفلة ، فاستقبل مشاهد الكون بحس متجدد ، ونظرة مستطلعة ، وقلب نوره الإيمان . ولو سار في هذا الكون كالرائد الذي يهبط إليه أول مرة . تلفت عينه كل ومضة ، وتلفت سمعه كل نأمة ، وتلفت حسه كل حركة ، وتهز كيانه تلك الأعاجيب التي ما تني تتوالى على الأبصار والقلوب والمشاعر . .
إن هذا هو ما يصنعه الإيمان . هذا التفتح . هذه الحساسية . هذا التقدير للجمال والتناسق والكمال . . إن الإيمان رؤية جديدة للكون ، وإدراك جديد للجمال ، وحياة على الأرض في مهرجان من صنع الله ، آناء الليل وأطراف النهار . .
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 164 )
ومعنى { في خلق السموات } في اختراعها وإنشائها ، وقيل : المعنى أن في خلقه أي هيئة السموات والأرض( {[1487]} ) ، و { اختلاف الليل والنهار } معناه أن هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا فهما خلفة ، كما قال تعالى : { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة }( {[1488]} ) [ الفرقان : 62 ] ، وكما قال زهير : [ الطويل ]
بها العِينُ والأَرْآمُ يمسين خِلْفَةً . . . وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ( {[1489]} )
وَلَهَا بالماطرونِ إذَا . . . أكلَ النَّمْلُ الذي جمعا
خِلْفةٌ حتَّى إذا ارتَبَعَتْ . . . سَكَنَتْ من جِلِّقِ بِيَعا( {[1490]} )
ويحتمل أيضاً الاختلاف في هذه الآية أن يراد به اختلاف الأوصاف( {[1491]} ) ، و { الليل } جمع ليلة وتجمع ليالي ، وزيدت فيها الياء كما زيدت في كراهية وفراهية ، و { النهار } يجمع نهراً وأنهرة ، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، يقضي بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم «إنما هو بياض النهار وسواد الليل »( {[1492]} )
، وهذا هو مقتضى الفقه في الإيمان ونحوها ، فأما على ظاهر اللغة وأخذه من السعة( {[1493]} ) فهو من وقت الإسفار إذا اتسع وقت النهار كما قال : [ الطويل ]
ملكتُ بها كفي فأَنْهرْت فتْقَها . . . يَرى قائمٌ من دونِها ما وراءَها( {[1494]} )
وقال الزجاج في كتاب الأنواء : أول النهار ذرور الشمس( {[1495]} ) قال : وزعم النضر بن شميل أن أول النهار ابتداء طلوع الشمس ولا يعد ما قبل ذلك من النهار .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وقول النبي صلى الله عليه وسلم هو الحكم( {[1496]} ) ، و { الفلك } السفن ، وإفراده وجمعه بلفظ واحد ، وليست الحركات تلك بأعيانها ، بل كأنه بنى الجمع بناء آخر ، يدل على ذلك توسط التثنية في قولهم فلكان( {[1497]} ) ، والفلك المفرد مذكر ، قال الله تعالى : { في الفلك المشحون }( {[1498]} ) [ الشعراء : 119 ] .
و «ما ينفع الناس » هي التجارات وسائر المآرب التي يركب لها البحر من غزو وحج ، والنعمة بالفلك هي إذا انتفع بها ، فلذلك خص ذكر الانتفاع إذ قد تجري بما يضر ، و { ما أنزل الله من السماء من ماء } يعني به الأمطار التي بها إنعاش العالم وإخراج النبات والأرزاق ، و { بث } معناه فرق وبسط( {[1499]} ) ، و { دابة } تجمع الحيوان كله ، وقد أخرج بعض الناس الطير من الدواب ، وهذا مردود ، وقال الأعشى : [ الطويل ] :
دَبِيبَ قَطَا الْبَطْحَاءِ في كلِّ مَنْهَلِ( {[1500]} ) . . . وقال علقمة بن عبدة : [ الطويل ]
صَواعِقُهَا لطيرِهِنَّ دَبِيبُ( {[1501]} ) . . . و { تصريف الرياح } إرسالها عقيماً وملقحة وصراً ونصراً وهلاكاً ، ومنه إرسالها جنوباً وشمالاً وغير ذلك ، و { الرياح } جمع ريح ، وجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب ، إلا في يونس في قوله تعالى { وجرين بهم بريح طيبة }( {[1502]} ) [ يونس : 22 ] ، وهذا أغلب وقوعها في الكلام ، وفي الحديث : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هبت الريح يقول : اللهم اجعلها رياحاً ولاتجعلها ريحاً ( {[1503]} ) .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وذلك لأن ريح العذاب شديد ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد ، وريح الرحمة لينة متقطعة( {[1504]} ) فلذلك هي رياح وهو معنى " نشراً " ، وأفردت مع الفلك لأن ريح إجراء السفن إنما هي واحدة متصلة ، ثم وصفت بالطيب( {[1505]} ) فزال الاشتراك بينهما وبين ريح العذاب ، وهي لفظة من ذوات الواو ، يقال ريح وأرواح ، ولايقال أرياح ، وإنما قيل رياح من جهة الكسرة وطلب تناسب الياء معها ، وقد لحن في هذه اللفظة عمارة بن عقيل بن بلال( {[1506]} ) بن جرير ، فاستعمل الأرياح في شعره ولحن في ذلك ، وقال له أبو حاتم( {[1507]} ) : إن الأرياح لا تجوز ، فقال : أما تسمع قولهم رياح ؟ ، فقال أبو حاتم : هذا خلاف ذلك ، فقال : صدقت ورجع ، وأما القراء السبعة فاختلفوا فقرأ نافع { الرياح } في اثني عشر موضعاً : هنا وفي الأعراف { يرسل الرياح } [ الآية : 57 ] ، وفي إبراهيم{ اشتدت به الرياح } [ الآية : 8 ] وفي الحجر { الرياح لواقح } [ الآية : 22 ] ، وفي الكهف { تذرو ه الرياح } [ الآية : 45 ] ، وفي الفرقان { أرسل الرياح } [ الآية : 22 ] ، وفي النمل { ومن يرسل الرياح } [ الآية : 63 ] ، وفي الروم [ الآيتان : 46 ، 48 ] في موضعين ، وفي فاطر [ الآية : 9 ] وفي الجاثية [ الآية : 5 ] وفي حم عسق { يسكن الرياح }( {[1508]} ) [ الآية : 33 ] ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر موضعين من هذه بالإفراد : في إبراهيم وفي حم عسق ، وقرؤوا سائرها كقراءة نافع ، وقرأ ابن كثير بالجمع في خمسة مواضع : هنا وفي الحجر وفي الكهف وفي الروم الحرف الأول وفي الجاثية { وتصريف الرياح } وباقي ما في القرآن بالإفراد ، وقرأ حمزة بالجمع في موضعين : في الفرقان وفي الروم الحرف الأول( {[1509]} ) وأفرد سائر ما في القرآن ، وقرأ الكسائي كحمزة وزاد عليه في الحجر { الرياح لواقح } [ الآية : 22 ] ، ولم يختلفوا في توحيد ما ليس في ألف ولام ، و { السحاب } جمع سحابة ، سمي بذلك لأنه ينسحب ، كما قالوا حباً لأنه يحبو ، قاله أبو علي الفارسي( {[1510]} ) ، وتسخيره بعثه من مكان إلى آخر ، فهذه آيات أن الصانع موجود . والدليل العقلي يقوم أن الصانع للعالم لا يمكن أن يكون إلا واحداً لجواز اختلاف الاثنين فصاعدا( {[1511]} ) .