المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

50- ولماذا يقفون هذا الموقف من التحاكم أمام الرسول ؟ ألأنَّ نفوسهم مريضة بالعمى فلا تخضع لحكمك الحق ، أم لأنهم شكوا في عدالة محمد - صلي الله عليه وسلم - في الحكم ؟ لا شيء من ذلك أصلاً ، ولكنهم هم الظالمون لأنفسهم ولغيرهم بسبب كفرهم ونفاقهم وعدولهم عن الحق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

قوله تعالى : { أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا } يعني : شكوا ، هذا استفهام ذم وتوبيخ ، يعني : هم كذلك ، { أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } يعني : بظلم { بل أولئك هم الظالمون } لأنفسهم بإعراضهم عن الحق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

46

ومن ثم يعقب على فعلتهم هذه بأسئلة تثبت مرض قلوبهم ، وتتعجب من ريبتهم ، وتستنكر تصرفهم الغريب :

( أفي قلوبهم مرض ? أم ارتابوا ? أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ? ) . .

والسؤال الأول للإثبات . فمرض القلب جدير بأن ينشى مثل هذا الأثر . وما ينحرف الإنسان هذا الانحراف وهو سليم الفطرة . إنما هو المرض الذي تختل به فطرته عن استقامتها ، فلا تتذوق حقيقة الإيمان ، ولا تسير على نهجه القويم .

والسؤال الثاني للتعجب . فهل هم يشكون في حكم الله وهم يزعمون الإيمان ? هل هم يشكون في مجيئه من عند الله ? أو هم يشكون في صلاحيته لإقامة العدل ? على كلتا الحالتين فهذا ليس طريق المؤمنين !

والسؤال الثالث للاستنكار والتعجب من أمرهم الغريب . فهل هم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ? وإنه لعجيب أن يقوم مثل هذا الخوف في نفس إنسان . فالله خالق الجميع ورب الجميع . فكيف يحيف في حكمه على أحد من خلقه لحساب أحد من خلقه ?

إن حكم الله هو الحكم الوحيد المبرأ من مظنة الحيف . لأن الله هو العادل الذي لا يظلم أحدا . وكل خلقه أمامه سواء ، فلا يظلم أحد منهم لمصلحة أحد . وكل حكم غير حكمه هو مظنة الحيف . فالبشر لا يملكون أنفسهم وهم يشرعون ويحكمون أن يميلوا إلى مصالحهم . أفرادا كانوا أم طبقة أم دولة .

وحين يشرع فرد ويحكم فلا بد أن يلحظ في التشريع حماية نفسه وحماية مصالحه . وكذلك حين تشرع طبقة لطبقة ، وحين تشرع دولة لدولة . أو كتلة من الدول لكتلة . . فأما حين يشرع الله فلا حماية ولا مصلحة .

إنما هي العدالة المطلقة ، التي لا يطيقها تشريع غير تشريع الله ، ولا يحققها حكم غير حكمه .

من أجل ذلك كان الذين لا يرتضون حكم الله ورسوله هم الظالمون ، الذين لا يريدون للعدالة أن تستقر ؛ ولا يحبون للحق أن يسود . فهم لا يخشون في حكم الله حيفا ، ولا يرتابون في عدالته أصلا ( بل أولئك هم الظالمون ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

{ أفي قلوبهم مرض } كفر أو ميل إلى الظلم . { أم ارتابوا } بأن رأوا منك تهمه فزال يقينهم وثقتهم بك . { أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } في الحكومة . { بل أولئك هم الظالمون } إضراب عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم فتعين الأول ، ووجه التقسيم أن امتناعهم إما لخلل فيهم أو في الحاكم ، والثاني إما أي يكون محققا عندهم أو متوقعا وكلاهما باطل ، لأن منصب نبوته وفرط أمانته صلى الله عليه وسلم يمنعه فتعين الأول وظلمهم يعم خلل عقيدتهم وميل نفوسهم إلى الحيف والفصل لنفي ذلك عن غيرهم سيما المدعو إلى حكمه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

ثم وقفهم تعالى على أسباب فعلهم توقيف توبيخ أي ليقروا مما يوبخ به أو مما يمدح به فهو بليغ جداً ومنه قول جرير «ألستم خير من ركب المطايا »{[1]} البيت . ثم حكم عليهم بأنهم { هم الظالمون } وقال : { أن يحيف الله عليهم ورسوله } من حيث الرسول إنما يحكم بأمر الله وشرعه والميل الحيف .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟