البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

الحيف : الميل في الحكم ، يقال : حاف في قضيته أي جار .

{ أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون } { أم } هنا منقطعة والتقدير : بل ارتابوا بل أيخافون وهو استفهام توقيف وتوبيخ ، ليقروا بأحد هذه الوجوه التي عليهم في الإقرار بها ما عليهم ، وهذا التوقيف يستعمل في الأمور الظاهرة مما يوبخ به ويذم ، أو مما يمدح به وهو بليغ جداً فمن المبالغة في الذم .

قول الشاعر :

ألست من القوم الذين تعاهدوا *** على اللؤم والفحشاء في سالف الدهر

ومن المبالغة في المدح .

قول جرير :

ألستم خير من ركب المطايا *** وأندى العالمين بطون راح

وقسم تعالى جهات صدودهم عن حكومته فقال { أفي قلوبهم مرض } أي نفاق وعدم إخلاص { أم ارتابوا } أي عرضت لهم الريبة والشك في نبوته بعد أن كانوا مخلصين { أم يخافون } أي يعرض لهم الخوف من الحيف في الحكومة ، فيكون ذلك ظلماً لهم .

ثم استدرك ببل أنهم { هم الظالمون } .

47