تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ٱرۡتَابُوٓاْ أَمۡ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَرَسُولُهُۥۚ بَلۡ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (50)

الآية 50 : وقوله تعالى : ]أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله[ في هذا من الدلالة أن عندهم أنه لا يقضي بالحق لهم ، وأنه يجوز حين{[14166]} قال : ]أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم و رسوله[ فمن كان على هذا الوصف فهو يخاف جوره وحيفه إلا أن يجعل الآية في فرق ( من ){[14167]} المنافقين : فرقة منهم عرفوا أنه لا يقضي إلا بالحق ، وفرقة منهم كان في قلوبهم مرض ، وفرقة ( منهم ){[14168]} ارتابوا ، وفرقة ( منهم ){[14169]} خافوا جوره . فهم كانوا فرقا . ألا ترى أنه قال : ]ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله[ ( التوبة : 75 ) ومنهم من قال كذا ، ومنهم من{[14170]} قال كذا ؟

أو يكون تأويل ]وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين[ أي وإن يكن لهم القضاء بالحق أتوه مذعنين أي إذا عرفوا أنه يقضى لهم ، لا محالة ، أتوه . وإلا لا يأتونه .

فإن كان على هذا فما ذكر على سياقه من المرض والارتياب والخوف من الحيف فمستقيم على هذين الوجهين يحتمل أن يخرج تأويل الآية . وأما على غير ذلك فإنا لا نعلم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ]وما أولئك بالمؤمنين[ لأن{[14171]} من ارتاب ، أو شك في رسالته ، أو خاف جوره وحيفه فهو كافر ليس بمؤمن .

وقوله{[14172]} تعالى : ]أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون[ يخرج على وجهين : وإن كان ظاهره حرف{[14173]} شك :

أحدهما : على الإيجاب والتحقيق ، أي في قلوبهم مرض ، وارتابوا ، وخافوا{[14174]} ، على ما ذكرنا في حرف الاستفهام أنه في الظاهر ، وإن كان استفهاما ، فهو في التحقيق علم وإيجاب ، أي علمت ، ورأيت ، ونحوه ، لما لا يجوز الاستفهام منه . فعلى ذلك هذا .

والثاني : ما ذكرنا أنه في فرق : فرقة ( منهم ){[14175]} عرفت أنه لا يقضي إلا بالحق ، وفرقة منهم ارتابت ، وفرقة منهم خافت جوره وظلمه .

قال القتبي : قوله : ]مذعنين[ أي خاضعين . وقال أبو عوسجة : مسرعين مطيعين ؛ يقال : ناقة مذعان أي سريعة ، ونوق ، والحيف والجور ، حاف يحيف حيفا فهو حائف .

وقوله تعالى : ]وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم[ قوله : ]دعوا إلى الله[ تحتمل إضافة الدعاء إلى الله وجهين : أحدهما : دعوا على كتاب الله وإلى رسوله ]إذا فريق منهم معرضون[ كقوله : ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا[ ( النساء : 61 ) .

والثاني : إضافته إلى الله هي إضافته إلى رسوله كقوله : [ من يطع الرسول فقد أطاع الله ] ( النساء : 80 ) جعل إطاعة الرسول إطاعة الله تعالى .

فعلى ذلك جائز أن يراد بإضافة الدعاء إلى الله الدعاء{[14176]} إلى رسول الله .

وعلى هذا يخرج قوله : [ أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله[ لا يحتمل أن يكونوا يخافون حيف الله ورسوله وجوره ، لكن إنما يخافون جور رسوله أو كتابه ، والله أعلم .


[14166]:في الأصل وم: حيث.
[14167]:من م، ساقطة من الأصل.
[14168]:ساقطة من الأصل وم.
[14169]:ساقطة من الأصل وم.
[14170]:ساقطة من الأصل وم.
[14171]:من م،في الأصل:كان.
[14172]:في الأصل وم: وفي قوله.
[14173]:من م، في الأصل: خوف.
[14174]:من م، في الأصل: أو يخافوا.
[14175]:ساقطة من الأصل: وم.
[14176]:في الأصل وم: دعا به