قوله تعالى : { فجعلناهم سلفاً } قرأ حمزة والكسائي سلفا بضم السين واللام ، قال الفراء : هو جمع سليف من سلف بضم اللام يسلف ، أي تقدم ، وقرأ الآخرون بفتح السين واللام على جمع السالف ، مثل : حارس وحرس وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وهما جميعاً الماضون المتقدمون من الأمم ، يقال : سلف يسلف ، إذا تقدم . والسلف من تقدم الآباء ، فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون . { ومثلاً للآخرين } عبرة وعظة لمن بقي بعدهم . وقيل : سلفاً لكفار هذه الأمة إلى النار ومثلاً لمن يجيء بعدهم .
وجعلهم الله سلفاً يتبعه كل خلف ظالم ( ومثلاً للآخرين )الذين يجيئون بعدهم ، ويعرفون قصتهم ، فيعتبرون . .
وهكذا تلتقي هذه الحلقة من قصة موسى - عليه السلام - بالحلقة المشابهة لها من قصة العرب في مواجهة رسولهم الكريم . فتثبت الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] والمؤمنين معه ؛ وتحذر المشركين المعترضين ، وتنذرهم مصيراً كمصير الأولين . .
وتلتقي الحقيقة في عرض القصة ، بالتناسق بين الحلقة المعروضة والحال القائمة والغاية من إيرادها في هذه الحال القائمة . وتصبح القصة بهذا أداة للتربية في المنهج الإلهي الحكيم .
ثم ينتقل السياق من هذه الحلقة في قصة موسى ، إلى حلقة من قصة عيسى ، بمناسبة جدل القوم حول عبادتهم للملائكة وعبادة بعض أهل الكتاب للمسيح . . وذلك في الدرس الأخير
وقرأ جمهور القراء : «سَلَفاً » بفتح السين واللام جمع سالف ، كحارس وحرس . والسلف : هو الفارط من الأمم المتقدم ، أي جعلناهم متقدمين للأمم الكافرة عظة ومثلاً لهم يعتبرون بهم ، أو يقعون فيما وقعوا فيه ، ومن هذه اللفظة قول النبي عليه السلام : «يذهب الصالحون أسلافاً » ، وقوله في ولده إبراهيم : «ندفنه عند سلفنا الصالح عثمان بن مظعون » . وقرأ حميد الأعرج وحمزة والكسائي : «سُلُفاً » بضم السين واللام ، وهي قراءة عبد الله وأصحابه وسعد بن عياض وابن كثير ، وهو جمع : سليف . وذكر الطبري عن القاسم بن معن أنه سمع العرب تقول : مضى سلف من الناس ، بمعنى السلف . وقرأ علي بن أبي طالب وحميد الأعرج أيضاً : «سُلَفاً » بضم السين وفتح اللام ، كأنه جمع سلفة ، بمعنى الأمة والقطعة . والآخرون : هو من يأتي من البشر إلى يوم القيامة .
والسلف بفتح السين وفتح اللام في قراءة الجمهور : جمع سالف مثل : خدم لخادم ، وحَرس لحارس . والسالف الذي يسبق غيره في الوجود أو في عمل أو مكان ، ولما ذكر الانتقام كان المراد بالسلف هنا السالف في الانتقام ، أي أنَّ مَن بعدَهم سيلقَون مثل ما لَقُوا . وقرأ حمزة وحده والكسائي { سُلُفا } بضم السين وضم اللام وهو جمع سَليف اسم للفريق الذي سلف ومضى .
والمَثَل : النظير والمشابه ، يقال : مَثَل بفتحتين كما يقال شَبَه ، أي مماثل . قال أبو علي الفارسي : المثل واحد يراد به الجمع . وأطلق المثل على لازمه على سبيل الكَناية ، أي جعلناهم عبرة للآخرين يعلمون أنهم إن عملوا مثل عملهم أصابهم مثلُ ما أصابهم . ويجوز أن يكون المثل هنا بمعنى الحديث العجيب الشأن الذي يسير بين النّاس مسيرَ الأمثاللِ ، أي جعلناهم للآخرين حديثاً يتحدثون به وَيَعِظُهُمْ به محدّثهم .
ومعنى الآخرين ، النّاس الذين هم آخر مماثل لهم في حين هذا الكلام فتعين أنهم المشركون المكذبون للرّسول صلى الله عليه وسلم فإن هؤلاء هم آخر الأمم المشابهة لقوم فرعون في عبادة الأصنام وتكذيب الرّسول . ومعنى الكلام : فجعلناهم سلَفاً لكم ومثلاً لكم فاتّعظوا بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.