المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

68- وإذا نجَّوتكم بخروجكم إلى البر أفأمنتم من عذاب الله ؟ كلا إن شاء قلب بكم جانباً من البر فهلكتم تحته ، وإن شاء أرسل عليكم ريحاً شديدة ترميكم بالحصى والحجر ، فلا تجدون حافظاً مما يصيبكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

قوله تعالى : { أفأمنتم } بعد ذلك { أن يخسف بكم } يغور بكم { جانب البر } ناحية البر وهي الأرض ، { أو يرسل عليكم حاصباً } أي : يمطر عليكم حجارةً من السماء كما أمطر على قوم لوط . قال أبو عبيدة و القتيبي : الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء ، وهي الحصا الصغار ، { ثم لا تجدوا لكم وكيلاً } ، قال قتادة : مانعاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

ولهذا ذكرهم الله بقوله : { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } أي : فهو على كل شيء قدير إن شاء أنزل عليكم عذابا من أسفل منكم بالخسف أو من فوقكم بالحاصب وهو العذاب الذي يحصبهم فيصبحوا هالكين ، فلا تظنوا أن الهلاك لا يكون إلا في البحر .

وإن ظننتم ذلك فأنتم آمنون{[476]} من { أَنْ يُعِيدَكُمْ } في البحر { تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ } أي : ريحا شديدة جدا تقصف ما أتت عليه .


[476]:- مراد الشيخ -رحمه الله- الاستفهام -والله أعلم-.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

58

وهنا يستجيش السياق وجدان المخاطبين بتصوير الخطر الذي تركوه في البحر وهو يلاحقهم في البر أو وهم يعودون إليه في البحر ، ليشعروا أن الأمن والقرار لا يكونان إلا في جوار الله وحماه ، لا في البحر ولا في البر ؛ لا في الموجة الرخية والريح المواتية ولا في الملجأ الحصين والمنزل المريح :

( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ، ثم لا تجدوا لكم وكيلا ? أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى ، فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ، ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ? ) .

إن البشر في قبضة الله في كل لحظة وفي كل بقعة . إنهم في قبضته في البر كما هم في قبضته في البحر . فكيف يأمنون ? كيف يأمنون أن يخسف بهم جانب البر بزلزال أو بركان ، أو بغيرهما من الأسباب المسخرة لقدرة الله ? أو يرسل عليهم عاصفة بركانية تقذفهم بالحمم والماء والطين والأحجار ، فتهلكهم دون أن يجدوا لهم من دون الله وكيلا يحميهم ويدفع عنهم ?

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

{ أفأمنتم } الهمزة فيه للإنكار والفاء للعطف على محذوف تقديره : أنجوتم فأمنتم فحملكم ذلك على الإعراض ، فإن من قدر أن يهلككم في البحر بالغرق قادر أن يهلككم في البر بالخسف وغيره . { أن يخسف بكم جانب البرّ } أن يقلبه وأنتم عليه ، أو يقلبه بسببكم فبكم حال أو صلة ليخسف ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون فيه وفي الأربعة التي بعده ، وفي ذكر الجانب تنبيه على أنهم لما وصلوا الساحل كفروا وأعرضوا وأن الجوانب والجهات في قدرته سواء لا معقل يؤمن فيه من أسباب الهلاك . { أو يرسل عليكم حاصبا } ريحا تحصب أي ترمي بالحصباء { ثم لا تجدوا لكم وكيلاً } يحفظكم من ذلك فإنه لا راد لفضله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا} (68)

تفريع على جملة { أعرضتم } [ الإسراء : 67 ] ، وما بينهما اعتراض ، وفرع الاستفهام التوبيخي على إعراضهم عن الشكر وعودهم إلى الكفر .

والخسف : انقلاب ظاهر الأرض في باطنها من الزلزال . وتقدم في قوله : { أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض } في سورة [ النحل : 45 ] .

وفي هذا تنبيه على أن السلامة في البر نعمة عظيمة تنسونها فلو حدث لكم خسف لهلكتم هلاكاً لا نجاة لكم منه بخلاف هول البحر . ولكن لما كانت السلامة في البر غيرَ مُدرك قدرُها قلَّ أن تشعر النفوس بنعمتها وتشعر بخطر هول البحر فينبغي التدرب على تذكر نعمة السلامة من الضر ثم إن محل السلامة معرض إلى الأخطار .

والاستفهام بقوله : { أفأمنتم } إنكاري وتوبيخي .

والجانب : هو الشق . وجعل البر جانباً لإرادة الشق الذي ينجيهم إليه ، وهو الشاطىء الذي يرسون عليه ، إشارة إلى إمكان حصول الخوف لهم بمجرد حلولهم بالبر بحيث يخسف بهم ذلك الشاطىء ، أي أن البر والبحر في قدرة الله تعالى سيان ، فعلى العاقل أن يستوي خوفه من الله في البر والبحر . وإضافة الجانب إلى البر إضافة بيانية .

والباء في { يخسف بكم } لتعدية { يخسف } بمعنى المصاحبة .

والحاصب : الرامي بالحصباء ، وهي الحجارة . يقال : حصبه ، وهو هنا صفة ، أي يرسل عليكم عارضاً حاصباً ، تشبيهاً له بالذي يرمي الحصباء ، أي مطر حجارةٍ ، أي بَرَد يشبه الحجارة ، وقيل : الحاصب هنا بمعنى ذي الحصباء ، فصوغ اسم فاعل له من باب فاعل الذي هو بمعنى النسب مثل لاَبِنٍ و تَامِرٍ .

والوكيل : الموكل إليه القيامُ بمهم موكله ، والمدافع عن حق موكله ، أي لا تجدوا لأنفسكم من يجادلنا عنكم أو يطالبنا بما ألحقناه بكم من الخسف أو الإهلاك بالحاصب ، أي لا تجدوا من قومكم وأوليائكم من يثأر لكم كشأن من يلحقه ضر في قومه أن يدافِع عنه ويطالب بدمه أولياؤُه وعصابتُه . وهذا المعنى مناسب لما يقع في البر من الحدثان .