قوله تعالى : { وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء } فإن قيل : ما وجه قوله : { ولا في السماء } والخطاب مع الآدميين ، وهم ليسوا في السماء . قال الفراء : معناه ولا من في السماء بمعجز ، كقول حسان بن ثابت :
فمن يهجو رسول الله منكم *** ويمدحه وينصره سواء
أراد : من يمدحه ومن ينصره ، فأضمر من ، يريد : لا يعجزه أهل الأرض في الأرض ، ولا أهل السماء في السماء . وقال قطرب : معناه وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها ، كقول القائل : ما يفوتني فلان ها هنا ولا بالبصرة ، أي : ولا بالبصرة لو كان بها { وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير } أي : من ولي يمنعكم مني ولا نصير ينصركم من عذابي .
{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } أي : يا هؤلاء المكذبون ، المتجرؤن على المعاصي ، لا تحسبوا أنه مغفول عنكم ، أو معجزون للّه في الأرض ولا في السماء ، فلا تغرنكم قدرتكم وما زينت لكم أنفسكم وخدعتكم ، من النجاة من عذاب الله ، فلستم بمعجزين الله في جميع أقطار العالم .
{ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ } يتولاكم ، فيحصل لكم مصالح دينكم ودنياكم ، { وَلَا نَصِيرٍ } ينصركم ، فيدفع عنكم المكاره .
( وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ) . .
فليس لكم من قوة في هذا الوجود تمتنعون بها من الانقلاب إلى الله . لا من قوتكم في الأرض ، ولا من قوة ما تعبدونه أحيانا من الملائكة والجن وتحسبون له قوة في السماء .
( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) . .
وأين من دون الله الولي والنصير ? أين الولي والنصير من الناس ? أو من الملائكة والجن ? وكلهم عباد من خلق الله لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فوق أن يملكوا لسواهم شيئا ?
{ وما أنتم بمعجزين } ربكم عن إدراككم . { في الأرض ولا في السماء } إن فررتم من قضائه بالتواري في الأرض أو الهبوط في مهاويها ، والتحصن { في السماء } أو القلاع الذاهبة فيها وقيل ولا من في السماء كقول حسان :
أمن يهجو رسول الله منكم *** ويمدحه وينصره سواء
{ وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير } يحرسكم عن بلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم .
ثم أخبر أن إليه المنقلب وأن البشر ليس بمعجز ولا مفلت { في الأرض ولا في السماء } ، ويحتمل أن يريد ب { السماء } الهواء علواً أي ليس للإنسان حيلة صعد أو نزل حكى نحوه الزهراوي ويحتمل أن يريد { السماء } المعروفة أي لستم { بمعجزين في الأرض ولا } ولو كنتم { في السماء } ، وقال ابن زيد معناه ولا من في السماء معجز إن عصى ونظروه على هذا بقول حسان بن ثابت : [ الوافر ]
أمن يهجو رسول الله منا . . . ويمدحه وينصره سواء{[9233]}
ولو كنت في جب ثمانين قامة . . . ولقيت أسباب السماء بسلم
ليعتورنك القول حتى تهزه . . . وتعلم أني لست عنك بمحرم{[9234]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.