غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (22)

1

ثم أعاده ههنا لأن التعذيب والرحمة قد يكونان عاجلين وكأنه قال : وإن تأخر ثوابكم وعقابكم فإن إلينا إيابكم وعلينا حسابكم وعندنا يدّخر لكم ذلك فلا تظنوا فواته يؤكده قوله :{ وما أنتم بمعجزين } وفيه أن الانقلاب إليه لا منه ، وذلك أن الإعجاز إما بالهرب وإما مع الثبات وقد نفى الأول بقوله { وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء } أي لو هبطتم إلى موضع السمك في الماء أو صعدتم إلى محل السماك في السماء لم تخرجوا من قبضة قدرة الله . وقدّم الأرض على السماء لأن السماء أبعد وأفسح أي إن هربتم من حكمه وقضائه في الأرض الفسيحة أو في السماء التي هي أفسح منها وأبعد فإنكم لا تفوتون الله ، والمراد لا تعجزونه كيفما هبطتم في أعماق الأرض أو علوتم إلى البروج المشيدة الذاهبة في السماء كقوله { ولو كنتم في بروج مشيدة } [ النساء : 78 ] أو أراد لا تعجزون بلاءه الظاهر في الأرض أو النازل من السماء . وجوّز بعضهم أن يراد وما أنتم بمعجزين من في الأرض ولا في السماء بحذف الموصول ، واقتصر في الشورى على قوله { وما أنتم بمعجزين في الأرض } [ العنكبوت : 22 ] لأنه خطاب للمؤمنين . ونفى الثاني بقوله { وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير } لأن الركن الشديد الذي يستند إليه إما وليّ يشفع أو ناصر يدفع ، والأول أسهل الطريقين فلذلك قدم الوليّ على النصير .

/خ1